اختيار
مكونات الكمبيوتر
قد يكون محيرًا، خاصة مع
انتشار الحملات التسويقية
الضخمة التي تروج لأحدث المنتجات على أنها ضرورية للجميع. للأسف الشديد باتت
أهمية المُنتج تُحدَد بقدرة الشركات المُصنعة على الترويج له وليس بأهميته أو
بالقيمة التي يقدمها، وبالتالي أصبح من السهل أن
يشتري أحدهم كارت شاشة
أو "ماذربورد" لأن الشركة استطاعت بطريقة ما أن توهمه بأنه يحتاج هذا المنتج أو
ذاك
وهو في الحقيقة لا يحتاجه. سنحاول في هذا المقال استعراض أبرز مكونات الكمبيوتر
التي تحظى بسمعةٍ مبالغ فيها والتي لا تستحق الاهتمام الذي تحصل عليه في السوق.
لكن قبل أن نبدأ: لا نقول إن القطع المذكورة سيئة، فالعكس هو الصحيح، لكن
ما نقوله إنها مبالغ فيها قياسًا على السعر وقياسًا على أنها موجهة لفئة معينة من
المستخدمين وليس المعظم، فلا تنخدع.
قطع الكمبيوتر المبالغ في تقديرها
وحدات الطاقة فائقة القدرة
كثير من الشركات تروج لمزودات طاقة بقدرة 1600 واط وكأنها الخيار المثالي، في حين
أن الغالبية العظمى من المستخدمين لا يحتاجون حتى لنصف هذه القدرة. حتى مع
استخدام كارت شاشة مثل RTX 5090 أو معالجات قوية مثل Core i9-14900K، فإن باورسبلاي بقدرة 1200 واط سيكون أكثر من كافٍ.
في الواقع، معظم أجهزة الألعاب المتوسطة وفوق
المتوسطة تكتفي بمزود طاقة بقدرة 850 واط دون أي مشاكل، خاصة وأن مزودات الطاقة
الحديثة تدعم تقلبات الطاقة ولا تحتاج إلى هامش أمان كبير. وعلى الرغم من التوجه
المستمر لطرح قطعٍ تستهلك طاقة أكبر، فإن احتياجات المستخدمين لم تتغير، وما زالت
المزودات الضخمة تستهلك جزءًا كبيرًا من الميزانية دون مبرر حقيقي.
رامات الـ DDR5 بسرعات تتجاوز 6000MT/s
لا شك أن سرعات رامات الـ DDR5 أصبحت أعلى كثيرًا مقارنةً بالأجيال السابقة، حيث
كانت سرعة 3600MT/s تعتبر سريعةً في عصر الـ DDR4، أما الآن، فسرعات الـ 6000MT/s
– أو حتى أكثر – أصبحت هي الحد الأدنى، أو دعنا نقل المقبول، في معظم أجهزة
الألعاب الحديثة.
لكن رغم هذه السرعات العالية، فإن زيادة سرعة الذاكرة فوق
6000/6400MT/s تعطي عوائد أداء متناقصة، بمعنى أن الفرق في أداء الألعاب بين سرعة
6000 و 7000 وحتى 8000MT/s ليس كبيرًا، ولا يستحق الفرق الكبير في السعر. الأداء في
الألعاب يتأثر بشكل أكبر بعوامل أخرى مثل المعالج وكارت الشاشة ومحرك اللعبة
نفسه، لذا من الأفضل استثمار المال في تحسين هذه العناصر بدلًا من شراء ذاكرة
أسرع بكثير من الحد الأمثل.
شاشات OLED فائقة الجودة
تقدم هذه الشاشات تجربة بصرية مذهلة تتفوّق بوضوح على شاشات الـ IPS و VA، وذلك
بفضل قدرتها على عرض درجات ألوان – وتحديدًا اللون الأسود – عميقة ومتباينة، مع
استجابة شبه فورية تجعل الألعاب أكثر سلاسة ووضوحًا. هذه الشاشات غالبًا ما تأتي
بمعدلات تحديث عالية مثل 240 هرتز أو حتى 480 هرتز، ما يمنح اللاعبين ميزة
تنافسية في ألعاب الـ eSports مثلًا، بالإضافة إلى وضوح نصي أفضل بفضل تقنيات
البكسل الحديثة.
لكن، وبعيدًا عن سعر هذه الشاشات التي يبدأ عادةً من 1000 دولار، فإن شاشات الـ
OLED معروفة بالتحديات التي تواجهها مثل مشكلة
حرق الشاشة. بعض الشركات بدأت مؤخرًا بتغطية هذه المشكلة في الضمان أو حتى تطوير تقنيات
لمنع حدوثها، لكن هذا على حساب التكلفة، ناهيك أساسًا عن أن مشكلة حرق الشاشة
ليست الوحيدة هنا، فعلى سبيل المثال، تعاني شاشات الـ OLED من درجات سطوع أقل
مقارنةً بالشاشات التقليدية. عمومًا، نحن لا نقول إن هذه الشاشات سيئة أو غير
ضرورية عمومًا، فالعكس هو الصحيح، لكن الفكرة أن أسعارها مبالغٌ بها قليلًا
والمعظم لا يحتاجها فعلًا.
قد يهمك:
هل يجب عليك شراء لابتوب بشاشة OLED ؟
بعض اللوحات الأم من الفئة العليا
توفر اللوحات الأم المتقدمة مميزات رائعة مثل وحدات تنظيم الفولتية المتطورة،
ومنافذ الـ PCIe من الجيل الخامس، وسرعة اتصال بالإنترنت هلامية، والعديد من
فتحات التوسعة التي قد تكون مهمة نعم، لكن لفئة صغيرة من المستخدمين المحترفين أو
هواة كسر السرعة. أما بالنسبة للمعظم، فكل هذه المميزات لا تُسمن ولا تغنى من
جوع؛ ولوحة أم متوسطة هي كل ما يحتاجونه ليحصلوا على أفضل أداء من القطع خاصتهم.
وبالمناسبة، يمكنك الحصول على لوحة أم ذات تصميم جذاب، مثل اللوحات البيضاء، مع
دعم جيد لمنافذ الجيل الخامس وتقنيات الاتصال الحديثة، دون الحاجة لدفع مبالغ
ضخمة. التسويق الخاص باللوحات الأم الفاخرة قد يدفع البعض للإنفاق الزائد على
ميزات لا يستفيدون منها فعليًا، لذا من الأفضل إنفاق مالك في أشياء تؤثر فعلًا
على أداء الجهاز، مثل المعالج أو كارت الشاشة، وإن كانت الوحدات المتقدمة من هذه
القطع ستتطلب لوحات أم من الفئة العليا.
وحدات الـ M.2 من الجيل الخامس
وحدات SSD المعتمدة على واجهة PCIe 5.0 تمثل اليوم أقصى ما وصلت إليه تقنيات
التخزين من حيث الأرقام، حيث تعلن الشركات عن سرعات قراءة وكتابة تتجاوز الـ
14,000 ميجابايت في الثانية! رغم ذلك، هذه السرعات الهائلة لا تقدم فائدة حقيقية
لمعظم المستخدمين، وخصوصًا اللاعبين. عند الاستخدام اليومي، سواء في تشغيل النظام
أو تصفح البرامج، لن تلاحظ أي فرق فعلي بين وحدات الجيل الخامس ووحدات الجيلين
السابقين.
الألعاب تحديدًا لا تستفيد من سرعة النقل، بل تعتمد بشكل أكبر على سرعة القراءة
والكتابة العشوائية، والتي لا تختلف كثيرًا بين وحدات Gen5 و Gen4. لهذا السبب، لا
يوجد أي مبرر لشراء وحدة تخزين Gen5 إلا إذا كنت بحاجة لنقل ملفات ضخمة بشكل مستمر
في عملك. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب معظم وحدات الجيل الخامس حلول تبريد خاصة، مما
يزيد من التكلفة والتعقيد دون مردود عملي واضح. طالما أن مطوري الألعاب لم يبدأوا
في الاستفادة من سرعات Gen5 عبر تقنيات مثل DirectStorage، يمكن للمستخدمين
الاعتماد بكل أريحية على وحدات Gen4 NVMe التي توفر أداءً ممتازًا وبتكلفة أقل.
كروت الشاشة في الفئة العليا، وربما المتوسطة أيضًا!
الكثير من صناع المحتوى يهولون الأمور اليوم ويقولون إن الكارت الفلاني لم يعد
صالحًا للألعاب في 2025، وأنك لكي تشتري "تجميعة" ألعاب بكارت متوسط عليك أن تدفع
قرابة الـ 100 ألف جنيه مصري.
لكن السؤال: من يحدد الفئة الاقتصادية أو المتوسطة؟
أليس المستخدم هو من يفعل ذلك؟ بالنسبة لك قد يكون كارت الـ RTX 5070 مثل كارت
فئة متوسطة، في حين يكون كارت فئة عُليا بالنسبة لآخر؛ ببساطة لأن ذلك الشخص
الآخر لا يحتاج أكثر من RTX 3060 ليلعب عناوينه المفضلة على دقة العرض المرضية
جدًا بالنسبة له، وللمعظم، وهي الـ 1080p. ما نريد أن نقوله هنا أن الكثير من
كروت الفئة المتوسطة والعليا هي كروت مبالغ فيها، على الأقل من حيث السعر الذي
يكاد يكون مستحيلًا أن يطابق الأسعار الرسمية!