تمتلئ صفحات الويب على شبكة الإنترنت بكمّ هائل من المعلومات التي يتخللها أيضًا الكثير من الخُرافات والمعلومات المغلوطة والتي تحظى بانتشار واسع النطاق بين الملايين من مُستخدمي الشبكة العنكبوتيّة حول العالم. وعندما يتعلّق الأمر بالمجالات التقنيّة وصيانة الأجهزة الإلكترونيّة مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكيّة فحدّث ولا حرج. هُناك على سبيل المثال خُرافة تزعُم أنّه بإمكان الإشعاع الصادر من الهواتف المحمولة قلي بيضة خلال 65 دقيقة إذا وُضعت بالقُرب من جهاز الهاتف، وهو زُعم خاطئ بالطبع. وهُناك خُرافة أخرى تدّعي إن تفعيل وضع الطيران على الهاتف ثُم إزالة شريحة الـ SIM هو إجراء كافٍ للتخلّص من تعقّب الهاتف، وهو اعتقاد خاطئ بدوره إذ ينحصر هذا الوضع في الحد من موجات الراديو التي يبثها الهاتف ولا شيء أكثر من ذلك،.
ثُمّ هناك الخُرافة الأشهر على الإطلاق في عالم الهواتف الذكيّة القائلة بإمكانيّة إصلاح الهواتف الذكيّة بعد سقوطها في الماء بوضعها في إناء مليء بالأرز. لا أحد يعرف بالضبط منشأ هذه الخرافات، ولا نملك حيالها سوى مُحاولة دحضها بالأدلّة العلميّة للحدّ من انتشارها. وفي هذه المقالة سوف نُركّز على حيلة وضع الهاتف المحمول في الأرز إذا سقط في الماء، ولنكتشف سويًّا هل هي حيلة فعّالة حقًا؟ وهل يعود الهاتف المُبتلّ للعمل بعدها بشكلٍ جيّد؟!
لماذا تتعطّل الهواتف الذكيّة عند سقوطها في الماء ؟
هُناك العديد من الشركات المُصنّعة للهواتف المحمولة التي تُروّج لأنواع مقاومة للماء من هواتفها الذكيّة، وعلى الرغم من ذلك فلا تزال هُناك فُرصة جيّدة لأنّ تتضرّر هذه الأجهزة ويتعطّل عملها عند غمرها في الماء. تختلف درجة مقاومة هذه الأجهزة للماء، وتتوقّف بالطبع على عدّة عوامل مثل ضغط المياه، وزمن التعرّض، ولكن بوجه عام فليس هُناك هاتف ذكيّ محميّ تمامًا من التأثّر بالماء. فقط يُمكن أن تستمرّ بعض الأجهزة في العمل بشكلٍ جيّد مع التعرّض للرذاذ أو قطرات المطر أو العرق، ولكنّها لا تظلّ كذلك إذا غُمرت كُلّيًا بالماء لبعض الوقت كأن تسقُط عن طريق الخطأ في أحد حمامات السباحة أو ما شابه.
تكمُن خطورة التعرّض للمياه على الهواتف المحمولة بشكلٍ عام في الشوائب والأيونات المجهريّة الموجودة في الماء، والتي يُمكن أن تتسبّب في التوصيل الخاطئ بين نُقطتين مُختلفتين في الدوائر الإلكترونيّة داخل الهاتف، ممّا يؤدّي إلى سريان الكهرباء في مسار ليس من المُفترض أن تسري فيه الكهرباء كأن يحدُث قِصر في أحد الأجزاء الخطرة وينتج عن ذلك تلف الهاتف وتعطّله عن العمل.
متى ظهرت حيلة الأرز لأوّل مرّة؟
إنّ الاعتقاد بفاعليّة الأرز كحلّ لمُشكلة تعطّل الهواتف الخلويّة بسبب التعرّض للبلل أو الرطوبة أو المياه قديم نسبيًّا، ولا يُمكن معرفة متى وكيف نشأ هذا الاعتقاد على وجه الدقّة، ولرُبّما جاء مع بداية انتشار الهواتف الذكيّة باهظة الثمن التي تتأثّر وتتضرّر بشكلٍ بالغ مع تعرّضها للمياه والرطوبة والبلل، وتعود أحد أقدم الجذور المعروفة لهذه الفكرة إلى مقالة تقنيّة نُشرت في يونيو من عام 2007 على مدوّنة لايف هاكر (LifeHacker)، وهي مدوّنة شهيرة على شبكة الإنترنت مُتخصّصة في نشر المُحتوى الذي يتعلّق بالكمبيوتر والهواتف المحمولة. وذكرت المقالة أنّ الأرز الجافّ بإمكانه أن يمتصّ الرطوبة المحيطة ممّا يُفيد في حالة الأجهزة المُبتلّة بالمياه، ومن ثمّ انتشرت هذه الفكرة على صفحات الويب منذُ ذلك الوقت، ولكن هل هي حيلة فعّالة حقًّا ؟
هل الأرز علاج فعّال للأعطال الناجمة عن الرطوبة؟
الآن نأتي للنقطة الجوهريّة في المقالة، وهي مسألة فاعليّة الأرز الجاف لعلاج الهواتف المُبتلّة بالماء من الرطوبة وجعلها تستعيد قُرتها على العمل بشكل طبيعيّ. يمتلك الأرز الجاف بالفعل قُدرة ضعيفة للغاية على امتصاص الرطوبة من الأشياء المُحيطة به، ولكنّها لا تكفي على الإطلاق لعلاج مُشكلة الهواتف المُبتلّة بالمياه، ناهيك عن علاج المُشكلة الرئيسيّة التي حدثت نتيجة لتغلغُل المياه داخل الهاتف، وهي مُشكلة القِصَر وسريان التيّار في المسارات الكهربيّة الخاطئة، وحتّى الموادّ الأكثر قُدرة على امتصاص الرطوبة من الأشياء الصلبة مثل مادّة السيليكا جِل لا يُمكنها تجفيف الهاتف تمامًا وتخليصه من جميع السوائل التي تغلغلت إلى أجزائه الداخليّة، ومنعها من إحداث أضرارها المتوقّعة.
إنّ حيلة وضع الهاتف المبتلّ في إناء مليء بالأُرز الجاف كما رأينا لا تُجدي نفعًا في حقيقة الأمر، ورُبّما لا يزيد تأثيرها عن تأثير إغلاق الهاتف ووضعه في إناء جاف فارغ تمامًا مُعرّض للهواء وانتظاره حتّى يجفّ من تلقاء نفسه. وبالفعل، في حالة الهواتف التي لم تبتلّ بالكامل ولم تتغلغل المياه إلى داخلها كانت الأجهزة تجفّ من تلقاء نفسها بعض تركها لفترة كافية من الوقت سواء وُضعت في الأرز أو في الهواء العادي، مما جعل من وضعوها في الأرز يتوهّمون نجاح حيلة الأرز.
وعلى الرغم من عدم جدواها فهي ليست خالية من المخاطر وآمنة تمامًا، فلرُبّما تتسبّب في إلحاق أضرار إضافيّة بالهاتف إذا كان الأرز يحتوي على غُبار ناعم يُمكن أن يتسلّل إلى الأجزاء الداخليّة من الهاتف عن طريق فتحات الجهاز ومداخل كابلات الطاقة وأجهزة الصوت، ويختلط بالماء الموجود فيها ليكوّن عجينة صلبة يصعُب التخلّص منها وإزالتها من الهاتف.
كيفيّة التعامُل مع الهواتف المُبتلّة بالماء
هُناك حالات قليلة يكفي يبتلّ فيها الهاتف بشكلٍ سطحيّ تمامًا دون أن تتعرّض أجزاؤه الداخليّة لتغلغل المياه بداخلها، وفي هذه الحالات فقد يكون إغلاق الهاتف وتركه في الهواء حتّى يجفّ تمامًا ثُمّ إعادة تشغيله كافيًا جدًّا لعلاج الهاتف من البلل واستعادة عمله بشكلٍ جيّد، ولكن على أيّ حال لا يُمكننا توقّع هل نكون سُعداء الحظ دائمًا بحيث لا تتلف هواتفنا من الداخل عند تعرّضها للماء أم لا، بل علينا أن نفترض الأسوأ دائمًا ونحاول تفاديه، لذا فبمُجرّد تعرّض هواتفنا للماء ينبغي أن نُحاول تجفيفها وتخليصها من الماء بالكامل بأقصى سُرعة مُمكنة بدلًا من المُجاذفة بترك الجهاز وانتظاره حتّى يجفّ من تلقاء ذاته. يُخطئ بعض الأشخاص كذلك عندما يُحاولون إعادة تشغيل الهاتف الذي سقط لتوّه في الماء للتأكّد من أنّه لا زال يعمل بشكلٍ جيّد.
الحلّ الصحيح هو إيقاف تشغيل الجهاز، وإزالة جميع الأجزاء القابلة للإزالة من الجهاز مثل بطّاريّة الهاتف إذا كانت قابلة للإزالة، وشريحة الهاتف أو بطاقة الـSIM، وبطاقة الذاكرة "microSD"، ثُمّ البدء في تجفيف الهاتف وإزالة أكبر قدر مُمكن من المياه من أجزائه في أسرع وقت وبأسرع وسيلة مُمكنة مثل استخدام مروحة أو مضخّة لدفع الهواء المضغوط، وقد لا تكفي كلتا هاتين الطريقتين لتجفيف الهاتف من الداخل بشكلٍ جيّد، وستضطرّ حينئذٍ إلى فتح الأجزاء الداخليّة من الهاتف لتجفيفها يدويًّا بنسبة 90%، ثُمّ باستخدام كحول الأيزوبروبانول لاستكمال تجفيفها بصورة تامّة.
اقرأ أيضًا: ما هو الفرق بين هاتف مقاوم للماء وهاتف ضد الماء؟
——————
المُلخّص | لا يُملك الأرز الجاف قُدرة فائقة على امتصاص الرطوبة من الهواتف الذكيّة المُبتلّة بدرجة كافية، ولا يُمكن اعتباره وسيلة فعّلة لجعل الهواتف تتخلّص من المياه تمامًا لكي تعود للعمل بشكلٍ جيّد، ولكن على العكس فوضع الهاتف المُبتلّ في إناء مليء بالأرز الجاف يُمكنه أنّ يتسبّب في إلحاق مزيد من الضرر بالهاتف إذا تسلّل غُبار الأرز الناعم إلى الأجزاء الداخليّة من الهاتف عن طريق فتحات الجهاز ومداخل الكابلات، واختلط بالماء الموجود بالداخل ليكوّن عجينة صلبة يصعُب إزالتها من الهاتف.
يُخطئ البعض كذلك عندما يُحاولون إعادة تشغيل الهاتف الذي غُمر بالماء لتوّه للتأكّد من أنّه لا زال يعمل، والحلّ الصحيح هو إيقاف تشغيل الجهاز، وإزالة جميع الأجزاء القابلة للإزالة من الجهاز مثل بطّاريّة الهاتف إذا كانت قابلة للإزالة، وشريحة الهاتف أو بطاقة الـSIM، والـ microSD، ثُمّ البدء في تجفيف الهاتف وإزالة أكبر قدر مُمكن من المياه من أجزائه في أسرع وقت وبأسرع وسيلة مُمكنة بدلًا من المُخاطرة بتركها وانتظارها حتّى تجفّ تلقائيًّا. يُمكن تجفيف الهواتف المُبتلّة باستخدام مروحة أو مضخّة لدفع الهواء المضغوط، وقد لا تكفي كلتا هاتين الطريقتين لتجفيف الهاتف من الداخل بشكلٍ جيّد، وستضطرّ حينئذٍ إلى تفكيك الأجزاء الداخليّة من الهاتف لتجفيفها يدويًّا بنسبة 90%، ثُمّ باستخدام كحول الأيزوبروبانول لإتمام عمليّة التجفيف.