الفرق بين الأداء التسلسلي والعشوائي عند اختبار سرعة الهارد

نلاحظ دائمًا عن اختبار سرعة قراءة وكتابة وحدة التخزين ان السرعة تتحدد وفقًا للأداء التسلسلي والعشوائي، فدعونا نوضح الاختلاف بينهم.
تُعدّ وحدات تخزين من أهمّ مكوّنات الكمبيوتر التي يجب اختيارها بعناية عند الحاجة إلى شراء كمبيوتر جديد أو ترقية الجهاز الحاليّ. وقد ساعد انتشار وحدات SSD إلى جانب هاردات HDD على إتاحة المزيد من الخيارات لوحدات التخزين أمام المُستخدمين المُقبلين على تجميع أجهزة الكمبيوتر، وخاصّة بالنسبة لأولئك المُستخدمين المهتمّين بالحصول على هارد يوفّر أداءًا أسرع، وليس سعة تخزين أكبر. تُعتبر مواصفات الحجم وسعة التخزين والمتانة الميكانيكيّة وسُرعة الأداء هي أكثر ما يجب التركيز عليه عند الرغبة في اختيار وحدة تخزين الكمبيوتر المُناسبة. وغالبًا ما يرتبط أداء هذه الوحدات بمفاهيم مثل أداء الكتابة والقراءة المُتسلسلة، وأداء الكتابة والقراءة العشوائيّة، فما معنى ذلك، وما هي أوجه الاختلاف بينهما؟ إليك الجواب على كُلّ ذلك في السطور التالية.
اختبار سرعة الهارد

فهم الأداء التسلسلي والعشوائي في السرعة

كيف تتمّ كتابة وقراءة البيانات على الهارد؟

في أجهزة الكمبيوتر، يُشير مُصطلح «كتابة البيانات» إلى عمليّة تخزين البيانات في وحدة التخزين الداخليّة، مثلًا عندما نقوم بحفظ ملفّ جديد أو تعديل ملفّ قديم. وعند استدعاء أو تشغيل هذه البيانات المُختزنة في وحدة التخزين الداخليّة، كأن نقوم بفتح ملفّ مُختزن أو عرض صورة أو مُستند نصّيّ أو تشغيل برنامج، فإنّ هذه العمليّة تُعرف بـ«قراءة البيانات». تعتمد الآليّة المُستخدمة لكتابة وقراءة البيانات في أجهزة الكمبيوتر على نوع وحدة التخزين المُستخدمة.

قراءة البيانات

يحتوي الهارد التقليديّ HDD على قرص دوّار مزود بإبرة مغناطيسيّة مُثبّتة على ذراع ميكانيكيّة تُسمى المُشغّل. ويحتوي القُرص الدوّار على عّدة مسارات، ويُقسّم كُلّ مسار منها إلى عدد من القطاعات بحيث يتّسع القطاع الواحد لتخزين ما بين 512 بايت – 4 كيلوبايت من البيانات.

وعند تخزين البيانات على هارد HDD، يقوم المُشغّل بتحريك الإبرة المغناطيسيّة فوق القُرص الدوّار الذي يدور بسُرعة كبيرة تتراوح ما بين 5400-7200 دورة في الدقيقة، وتُؤثّر الإبرة أثناء حركتها بمجال كهرومغناطيسيّ على القسم المُحدّد لتخزين البيانات على القُرص الدوّار، ومن ثمّ تتمّ كتابة البيانات على صورة شُحنات كهرومغناطيسيًة. وعند الحاجة للوصول لهذه البيانات، يُحرّك المُشغّل الإبرة فوق القطاعات المُحدّدة التي تحمل الشُحنات الكهرومغناطيسيّة المُختزنة على القُرص الدوار، ومن ثمّ تتمّ عمليّة قراءة البيانات.

NAND

أمّا في حالة وحدات SSD والتي تخلو من أيّ أجزاء مُتحرّكة، فتتمّ عمليّة كتابة وقراءة البيانات باستخدام وحدة تحكُّم تتّصل بمجموعة ذواكر وميضيّة أو ذواكر فلاش من نوع NAND، وهي عبارة عن شبكة من الرقائق المصنوعة من السيليكون التي ترتبط ببعضها البعض وتستخدم عددًا من ترانزستورات البوابة العائمة (FGTs) لكتابة البيانات في صورة شحنات كهربائيّة، بحيث تحتوي كل خليّة FGT على بت واحدة من البيانات تُساوي قيمتها 1 في حالة الخليّة المشحونة، وتساوي قيمتها صفرًا في حالة الخلية غير المشحونة.

تجتمع هذه الخلايا معًا في مجموعات تُعرف بالصفحات، والتي تجتمع معًا بدورها بحيث تكوّن كُلّ مجموعة من الصفحات في النهاية كُتلة من البيانات. وعلى عكس هاردات HDD، فإنّ وحدة التحكُّم في الـ SSD لا يُمكنها كتابة البيانات في الصفحات التي تُوجد بها بيانات مُختزنة بالفعل، وبالتالي، عند الحاجة إلى تعديل أحد الملفّات الحاليّة المُختزنة بالفعل، فإنّ الـ SSD قد يلجأ إلى نسخ جميع البيانات الموجودة في الكُتلة التي تحتوي الملفّ المطلوب تعديله، قبل تفريغ هذه الكُتلة من البيانات بالكامل، ثُمّ إعادة كتابتها من جديد مع تضمين البيانات المُعدّلة.

ما الفرق بين أداء القراءة والكتابة المُتسلسلة والعشوائيّة؟

الأداء التسلسلي والعشوائي

تُعدّ السُرعة العالية في كتابة وقراءة البيانات واحدة من أهم المُميّزات التي توفّرها وحدات SSD مُقارنةً بهاردات HDD. تتميّز الـ SSD بأداء سريع للغاية عند كتابة البيانات على الكُتل الفارغة، بينما يكون أداءها أبطأ قليلًا عند تعديل أو استبدال البيانات المُختزنة بالفعل في هذه الكُتل ببيانات جديدة، ويرجع ذلك إلى الوقت الذي تستغرقه عمليّة نسخ البيانات الحاليّة الموجودة في الكُتل ثُمّ تفريغها بالكامل وإعادة كتابة البيانات من جديد مُتضمّنة البيانات الجديدة المطلوب حفظها.

يُمكن بشكل عام التمييز بين نوعين من سُرعة كتابة وقراءة البيانات في وحدات التخزين، إذ يُشار إلى السُرعة التي يستطيع بها الهارد كتابة أو قراءة كُتل بيانات كبيرة الحجم ومُتتالية باسم «سرعة القراءة/الكتابة المُتسلسلة»، وتُقاس هذه السُرعة بالميجابايت لكُلّ ثانية، على حين تُعرف السُرعة التي يستطيع بها الهاردات كتابة أو قراءة كُتل بيانات صغيرة الحجم وموزّعة أو موجودة في مواقع مُتفرّقة من القُرص باسم « سرعة القراءة/الكتابة العشوائيّة»، وتُقاس هذه السُرعة بعدد عمليات الإدخال/الإخراج لكلّ ثانية (IOPS)، أي أنّه كُلّما ازداد عدد العمليات التي يُجريها الهارد في الثانية الواحدة، كُلّما كان أداؤه أفضل.

يُعدّ أوضح مثال على سرعة القراءة/الكتابة المُتسلسلة هو الوقت الذي يستغرقه هارد الكمبيوتر لنسخ ملفّ كبير الحجم، أو تحرير مقطع فيديو، أو تثبيت برنامج أو تطبيق مُعيّن، أو أيّ عمليّة مُشابهة يتمّ خلالها نقل البيانات إلى داخل أو خارج وحدة تخزين البيانات كحزم متّصلة دون انقطاع، بينما يُمكن أن تتّضح لنا سرعة القراءة/الكتابة العشوائيّة من خلال الوقت الذي يستغرقه هارد الكمبيوتر لفتح مجموعة ملفّات صغيرة الحجم موجودة في مواقع مُتفرّقة من وحدة التخزين مثل فتح مستند نصّي على برنامج وورد، وفتح جدول بيانات بالتزامن مع تشغيل مُتصفّح الويب.

الآن إذا كُنت بحاجة لشراء هارد جديد، فهل تختار الذي يوفّر أداءًا أسرع في حالة القراءة/الكتابة المُتسلسلة أم في حالة القراءة/الكتابة العشوائيّة؟

اختيار الهارد الأفضل من حيث الأداء التسلسلي والعشوائي

إنّ المُفاضلة تتوقّف في الأساس على احتياجات المُستخدم أو نوع المهام المطلوب من وحدة التخزين تنفيذها بصورة أكبر. فمثلًا، إذا كُنت تستخدم وحدة التخزين عادةً لنقل ملفّات كبيرة الحجم، أو لغرض النسخ الاحتياطيّ للبيانات، فمن الأنسب بالنسبة لك شراء هارد يوفّر أداءًا أسرع في القراءة/الكتابة المُتسلسلة، أمّا أذا كُنت بحاجة إلى وحدة تخزين يُمكنها التعامل مع المهام اليوميّة مثل التصفّح وتحرير المُستندات وتشغيل التطبيقات وغيرها من المهام التي تتطلّب الوصول إلى ملفّات صغيرة الحجم بين مواقع مُتناثرة فإنّ الهارد الأسرع في أداء القراءة/الكتابة العشوائية هو ما تبحث عنه.

تكمن العقبة الرئيسيّة في أنّ بعض أنواع وحدات التخزين المتوفّرة في الأسواق لا تُتيح للمُستخدم معرفة سُرعة أداء القراءة/الكتابة العشوائيّة لها ضمن المعلومات المُبيّنة على عبوّة المُنتج، بل تكتفي فقط بذكر سُرعة أداء القراءة/الكتابة المُتسلسلة لها، وهو ما يحدّ من قُدرة المُستخدم على اختيار ذلك الأنسب لاحتياجاته.

يُمكن التغلّب على هذه المُشكلة من خلال الحرص على شراء وحدات من شركات موثوقة وتتمتّع بسُمعة طيّبة في الأسواق، مع قراءة المُراجعات الخاصّة بالمُنتج، والاطّلاع على اختبارات القراءة والكتابة التي يُجريها المُراجعين الموثوقين، وخاصّة اختبار ما يُعرف بعُمق الانتظار (Queue Depth) والذي يُشير إلى عدد عمليّات الإدخال/الإخراج التي تكون قيد الانتظار لمُعالجتها. يُمثّل عُمق الانتظار برقم يتراوح في مُعظم وحدات التخزين المتوفّرة في الأسواق بين 1 و8، ويعكس هذا الرقم مدى كفاءة أداء القراءة والكتابة العشوائية لوحدة التخزين، كُلّما ازداد عُمق قائمة الانتظار، كُلّما كانت وحدة التخزين أكثر كفاءة.

توفّر وحدات SSD أداء قراءة/كتابة أسرع بشكل عام من هاردات HDD، وخاصّة أداء القراءة/الكتابة العشوائيّة، حيث تستغرق الإبرة المغناطيسيّة وقتًا أطول للوصول إلى مواقع البيانات العشوائيّة المُتناثرة على القُرص الدوّار. وبالتالي؛ إذا كُنت تُفكّر في شراء وحدة تخزين جديدة للكمبيوتر، ولم تكُن سعة التخزين الكبيرة هي الأولويّة لديك بل ترغب في الحصول على أسرع أداء يتناسب مع ميزانيّتك، فإنّ اختياراتك سوف تنحصر في أنواع الـ SSD، سواء تلك التي توفّر أداءًا أسرع للقراءة/الكتابة المُتسلسلة أو العشوائيّة، حسب احتياجاتك. وفي جميع الأحوال يُفضّل الشراء من شركات موثوقة لضمان الحصول على أفضل أداء مُمكن.
يارا فاروق
يارا فاروق
مهندسة كهرباء وكاتبة محتوى تقني بخبرة تزيد عن 6 سنوات، مهتمة بمجال التقنية، حصلت على خمسة جوائز من مؤسسة ويكيميديا في مسابقات كتابة المحتوى.
تعليقات

احدث المقالات