تُعتبر الفلاش ميموري من بين أكثر وسائل نقل وتخزين البيانات شيوعًا، بفضل صغر حجمها، وخفّة وزنها وسهولة حملها داخل الجيب واصطحابها إلى أيّ مكان، بالإضافة إلى توافقها مع مجموعة واسعة من الأجهزة وسهولة استخدامها حيث لا يحتاج تشغيلها سوى لتوصيلها بالجهاز المطلوب عبر منفذ الـ USB. تتمتّع الفلاش ميموري أيضًا بموثوقيّة عالية، وبالرغم من ذلك يُخطئ البعض حين يظنّون أنّ البيانات المُختزنة عليها تظلّ صالحة للأبد، فحتّى الآن لا توجد وسيلة تخزين بإمكانها توفير القدرة على الاحتفاظ بالبيانات لمئات السنين. وكأيّ جهاز إلكترونيّ، فإنّ كفاءة الفلاش ميموري عادةً ما تنخفض بمرور الوقت، فإلى متى يُمكنك الاحتفاظ بملفاتك المُختزنة على وحدات التخزين هذه؟ أو بالأحرى؛ لأيّ مدى يُمكن للفلاشة الإبقاء على البيانات المُختزنة بحالة جيّدة؟ إليك الإجابة أدناه.
مدة بقاء الملفات على الفلاش ميموري
كيف تعمل الفلاش ميموري، أصلًا ؟
تُعدّ الفلاش ميموري أحد أنواع وحدات التخزين غير المتطايرة (Non-Volatile memory)، أو التي لا تتطلّب أيّ بطّاريّات احتياطيّة، وهو ما يعني كونها قادرة على الاحتفاظ بالبيانات حتّى عندما تكون غير مُتّصلة بمصدر الطاقة. كانت وحدة التخزين ThumbDrive التي أنتجتها شركة التقنية السنغافوريّة تريك إنترناشونال Trek International عام 2000 هي أوّل نوع من الفلاش ميموري يُباع في الأسواق العالميّة، ثُمّ تبعتها IBM التي طرحت في نفس العام وحدات فلاش ميموري لم تتجاوز سعتها 8 ميجابايت فقط، ولكن سُرعان ما تطوّرت صناعة هذه الوحدات بعد ذلك، وظهرت منها في الأسواق إصدارات عديدة لاحقة بسعات تخزين أكبر وصلت حاليًا إلى 2 تيرابايت.
ظلّت الفلاش ميموري تتمتّع بشعبيّة كبيرة حول العالم، ويرجع ذلك لكونها وسيلة سريعة لنقل وتخزين البيانات ولا تتطلّب توفّر الاتّصال بالإنترنت ممّا يجعلها وسيلة آمنة لنسخ البيانات احتياطيًّا. تعتمد الفلاش ميموري في تخزين البيانات على ذواكر فلاش من نوع NAND، وهي عبارة عن شبكة من الرقائق المصنوعة من السيليكون التي ترتبط ببعضها البعض وتستخدم عددًا من ترانزستورات البوابة العائمة (FGTs) التي تحتفظ بالبيانات في صورة شحنات الكهربائيّة، بحيث تحتوي كُلّ خليّة FGT على بت واحدة من البيانات تُساوي قيمتها 1 في حالة الخليّة المشحونة، وتساوي قيمتها صفرًا في حالة الخلية غير المشحونة، ومن ثَمّ يُمكنها تخزين البيانات حتّى عندما لا تكون مُتّصلة بمصدر للطاقة.
إلى متى يُمكن للفلاش ميموري الاحتفاظ بالبيانات؟
تمتلك جميع وحدات الفلاش ميموري عُمرًا افتراضيًّا، شأنها في ذلك شأن أيّ جهاز إلكترونيّ آخر، بحيث يُمكن أن تقلّ كفاءتها وتتدهور البيانات التي تختزنها أو تتلف وتُفقد تمامًا بعد مرور فترة من الوقت. يتأثّر هذا العُمر الافتراضيّ؛ وبالتالي صلاحيّة البيانات المُختزنة على الفلاش ميموري بعدّة عوامل، مثل جودة تصنيع مكونات الفلاشة، وظروف الاستخدام بالإضافة إلى عدد دورات الكتابة. يُمكن أن يتجاوز العُمر الافتراضيّ المتوقّع للفلاش ميموري في الظروف المثاليّة 10 سنوات، وقد تزيد هذه المُدّة أو تقصر بناءًا على تصميم الفلاش ميموري وجودة تصنيعها، فعادةً ما تتمتّع وحدات الفلاش مُنخفضة التكلفة المتوفّرة في الأسواق بعُمر افتراضيّ أقلّ نظرًا لاستخدام مكوّنات ومواد ذات جودة مُنخفضة في تصنيعها.
تتأثّر صلاحيّة البيانات المُختزنة على الفلاش ميموري أيضًا بظروف الاستخدام والتخزين، إذ يُمكن أن يتسبّب التعرُّض لدرجات الحرارة المُرتفعة للغاية أو الرطوبة العالية أو الغبار والأتربة والظروف البيئيّة القاسية الأخرى في تسرّب الإلكترونات من الخلايا المشحونة بوتيرة أسرع ممّا يؤدّي إلى تدهور حالة البيانات وتعذّر قراءتها ويُهدّدها بالتلف والفقد بصورة نهائيّة.
إنّ مُعظم وحدات الفلاش ميموري جيّدة الصُنع تكون مُصمّمة لكي تتحمّل 10 ساعات من التشغيل المُستمرّ عند درجة حرارة تساوي 125 درجة مئويّة قبل أن تتضرّر وتتلف وتُفقد البيانات المُختزنة بها بشكل كامل، وهو ما يُعادل تقريبًا 10 سنوات من التشغيل في الظروف العاديّة في درجة حرارة لا تزيد عن 55 درجة مئويّة. كذلك تتأثّر كفاءة الفلاش ميموري بعدد دورات الكتابة، والتي تعني عدد مرّات كتابة البيانات ومحوها على شريحة الذاكرة الوميضيّة، فكُلّما ازداد عدد دورات الكتابة، كُلّما قلّت كفاءة الفلاش ميموري وازدادت احتماليّة تدهور البيانات المُختزنة بها إلى أن تتلف هذه البيانات وتفقد صلاحيّتها بالكامل.
نصائح لإطالة العُمر الافتراضيّ للفلاش ميموري
على الرغم من العُمر الافتراضيّ المحدود للفلاشات بشكل عام، فإنّ شراء الأنواع جيّدة الصُنع منها من الشركات التي تتمتّع بسُمعة طيّبة وموثوقيّة عالية، حتّى وإن كلّفك هذا مزيدًا من المال، يُمكن أن يضمن لك الاحتفاظ ببياناتك لفترات أطول دون فقدها.
هُناك مجموعة من النصائح الأخرى التي يُمكن أن تساهم في إطالة العُمر الافتراضيّ للفلاش ميموري، وبالتالي؛ الحفاظ على سلامة البيانات المُختزنة عليها لأطول وقت مُمكن، مثل الحرص على الاحتفاظ بالفلاشة في مكان جاف وبارد بعيدًا عن أشعّة الشمس المُباشرة أو مصادر الحرارة الأخرى، وتجنّب تعرّضها للأتربة والغبار.
وعند الانتهاء من استخدام الفلاش ميموري وقبل فصلها من الكمبيوتر، ينبغي دائمًا استخدام خيار Safely Remove Hardware لتفادي تلف البيانات بسبب انقطاع التغذية المفاجئ. كذلك احرص على استخدام برامج مُكافحة الفيروسات والبرمجيّات الخبيثة القويّة لفحص الفلاش ميموري بانتظام، إذ يكون مُعرّضًا بصورة دائمة للإصابة بالفيروسات والبرمجيّات الخبيثة نتيجة اتّصاله المُتكرّر بأجهزة مُختلفة ويُمكن أن يكون بعضها غير موثوقًا.
وبالرغم من مُميّزاتها الكثيرة كصغر الحجم وسهولة الحمل وخفّة الوزن وسُرعة نقل البيانات، لا يُمكن اعتبار الفلاش ميموري هي الوسيلة الأفضل للاحتفاظ بالبيانات الهامّة أو النسخ الاحتياطيّ لها على المدى الطويل، فمعها تزداد بمرور الوقت احتماليّة لتلف البيانات المُختزنة عليها وفقد إمكانيّة الوصول إليها بصورة دائمة، ولكن يُمكن استخدامها كوسيلة إضافيّة لنسخ البيانات احتياطيًّا إلى جانب وسائل أخرى كوحدات SSD الخارجية، أو خدمات التخزين السحابيّ. إن عمل العديد من النُسخ الاحتياطيّة لبياناتك الهامّة باستخدام وسائل تخزين مُختلفة، يُمكن أن يضمن لك وصولًا أفضل وصلاحيّة أطول لبياناتك.