ما هي الإعلانات الموجهة "المُكيفة" ؟ وكيف تؤثر على خصوصيتك



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


في بعض الأيام، نتحدث مع أحد أفراد الأهل أو الأصدقاء عن سلعةٍ ما، أو رغبةٍ ما حول شراء أحد السلع المتوفرة بالأسواق. بعد سويعات قليلة، نتفاجأ بظهور تلك السلع في جميع أنحاء خدمات الانترنت التي نتصفحها، مثل إعلانات يوتيوب من جوجل أو فيسبوك وحتى الإعلانات على مواقع الويب الأخرى. بدأ جميع المستخدمين بملاحظة هذا الأمر، مما استدعى انتباههم ومحاولة معرفة السبب وراء هذا الأمر.

الإعلانات الموجهة، هي السبب وبكل تأكيد. تعتمد الإعلانات الموجهة في ظهورها على جمع بيانات وتفضيلات المستخدمين، ثم استخدام تلك البيانات في استهدافهم فيما بعد. ولكن، ما هو التعريف الدقيق للإعلانات الموجهة ؟ وما هي طرق جمع البيانات ؟ وكيف يتم ربط بيانات تصفح كل مستخدم على حدة؟ اقرأ هذا التقرير للاطلاع على كل ما تريد معرفته حول الإعلانات الموجهة وطريقة عملها.



أولًا: كيف يتم جمع بيانات المستخدمين ومعلوماتهم ؟




عند التحدث عن الإعلانات الموجهة أو المخصصة أو المكيفة.. أيًا كان المُسمى، نستطيع الجزم بأن منصتي جوجل فيس بوك هي المنصات الأكثر تداولًا واستخدامًا بين جميع المستخدمين حول العالم. ترتب على ذلك امتلاك كلا الشركتين أكبر حصة من البيانات حول جميع المستخدمين لمعرفة جميع تحركاتهم وأنشطتهم عبر الإنترنت.

يمتلك فيس بوك عدة منصات أخرى للتواصل مثل تطبيق فيس بوك، تطبيق ماسنجر، تطبيق انستجرام، وتطبيق واتس آب. تستخدم فيس بوك تطبيقاتها العديدة لتتبع نشاطك كمستخدم لمعرفة الأشياء التي أعجبتك، الأشياء التي لم تنال إعجابك، عمليات البحث التي قمت بها، تفضيلاتك الشخصية وميولك الشرائية، وبالتأكيد فضلًا عن معلوماتك الشخصية.

بخلاف تلك البيانات المذكورة، هناك أداة متوفرة من فيس بوك تحت اسم "Facebook Pixel" والتي يسمح فيس بوك باستخدامها في العديد من مواقع الويب لتتبع المستخدمين على تلك المواقع أيضًا بدلًا من تتبعهم أثناء نشاطهم على منصات فيس بوك فقط. تساعد فيس بوك بيكسل تلك المواقع الالكترونية في استهداف زوارهم ومستخدميهم بعد مغادرة مواقعهم، ولكن الاستهداف هذه المرة سيكون من خلال الإعلانات على منصات فيس بوك.

أما عن عملاق الانترنت جوجل، فهو يتتبع بيانات جميع المستخدمين عبر عدة مسارات. بدءً من تتبع عمليات البحث في محرك جوجل البحثي ومنصة يوتيوب التابعة لجوجل، تصفح الانترنت بشكلٍ عام عبر متصفح كروم، استخدام خدمات جوجل الأخرى، تتبع نشاط التصفح على نظام التشغيل أندرويد، وتتبع مسارات وتحركات المستخدمين عبر تطبيق خرائط جوجل.

تنص سياسات استخدام جوجل على موافقة المستخدم على كل عمليات التتبع تلك، مع السماح باستخدامها في الاستهداف الإعلاني فيما بعد. تعرض جوجل الإعلانات عبر عدة مسارات، ومن أبرزها الإعلانات الموجودة في صفحات البحث في جوجل، والإعلانات التي تظهر بمواقع الويب في مساحات Google AdSense الإعلانية.


ثانيًا: تحديد هويتك الشخصية على الانترنت




هناك سيناريو متكرر بشكل دائم بين جميع المستخدمين، وهو الذي أصبح يثير حفيظتهم صبيحة كل يوم. تخيل أنك تريد شراء "قرص تخزين SSD خارجي 1 تيرابايت" على سبيل المثال، وقمت بالبحث على جوجل على تلك الجملة، وعلى متجر فيس بوك Marketplace.

ماذا سيحدث في الأيام القادمة؟ سترى جميع الإعلانات التي تعرض سلع مماثلة ومشابهة لما قمت بالبحث عنه مسبقًا، سواء كانت الإعلانات على منصات فيس بوك، محرك بحث جوجل، والمواقع الأخرى التي تستخدم مساحات AdSense الإعلانية من جوجل. فجأة سيتحول الانترنت بأكلمه إلى متاجر تبيع السلعة التي بحثت عنها وقتئذٍ.


تستخدم الشركات المختصة العديد من الأنظمة والخدمات البرمجية المخصصة والمنوطة بجمع البيانات المختلفة عن المستخدمين، ثم استهدافهم فيما بعد بحسب تفضيلاتهم الشرائية في جميع النواحي. بشكل شخصي، أعتقد أن تلك الخدمة وبالرغم من سوء سمعتها، فإن لها جانب إيجابي وهو العثور على منتجات لم أكن أعثر عليها أثناء قيامي بعملية البحث. ولكن كباقي المستخدمين، نشعر جميعًا بالقلق إزاء كشف هويتنا الشخصية على الانترنت للمواقع المختلفة والمتاجر، والمعلنين، بخلاف منصات فيس بوك وجوجل والمنصات الشبيهة.

ثالثًا: طريقة استهداف المستخدمين




عادةً ما يكون لدى المعلنين عدة خيارات حينما يتحدثون عن اختيار واستهداف الجمهور الصحيح لإعلان محدد. على سبيل المثال، يضع فيس بوك المستخدمين في مجموعات بناءً على اهتماماتهم وخصائص الديموغرافية ونطاقاتهم الجغرافية. يستخدم المعلنون تلك البيانات بعد ذلك في استهداف الجمهور المطلوب والذي من المفترض أن يكون مهتم بشراء سلعهم المعروضة.

تتضمن بعض المعلومات على سبيل الذكر وليس الحصر: متابعة رياضات محددة، تفضيل أنواع محددة من الأطعمة، والاهتمام بسماع تصنيف محدد من الموسيقى. من الممكن أن يتم استهداف المستخدمين بناءً على مستواهم التعليمي، موقعهم الجغرافي، وعلاقاتهم الاجتماعية سواءً كانت شخصية أم عامة. هناك بعض السلوكيات الأخرى التي قد تستند إلى سلوكياتك مثل كثرة التحركات والسفر، عدد مرات مشاركة منشورات ومستوى التفاعل مع الإعلانات الأخرى.




هناك طريقة أخرى تعمل بها جوجل، مثل التي يتبعها متجر أمازون. هناك خيار استهداف المستخدمين بناءً على كل عملية بحث بشكل مستقل من خلال أداة Google AdWords، بحيث يظهر لك جوجل أول نتيجتين في صفحات البحث بشكل مُرَوَج من المعلنين المختلفين، وموجه للمستخدمين الذين يبحثون عن كلمة محددة أو جملة محددة.

تسلك أداة Google AdSense نفس منوال فيس بوك تقريبًا بحيث يتم استهداف المستخدمين بناءً على الخصائص والوصف الديموغرافي لكل مستخدم على حدة، بالإضافة إلى تصنيفات مواقع الويب التي يزورها بشكل متكرر وثابت. من الممكن أن أيضًا أن تعتمد جوجل في إظهار الإعلانات بناءً على مواقع الويب التي تزورها بشكل فوري وحالي في نفس الوقت.

رابعًا: مخاوف انتهاك خصوصية المستخدمين




بالرغم من نجاح الإعلانات المخصصة والموجهة -من وجهة نظر المعلنين ومنصات الإعلان- في اجتذاب الزبائن بشكل متكرر، إلا أن المستخدمين يرونها بأنها شئ متطفل يقتات في معيشته على اختراق حياتهم وخصوصيتهم. لذا، يلجأ البعض إلى تقليل ومنع صلاحيات منصات الإعلان من تقديم إعلانات موجهة لهم أثناء تصفحهم الانترنت، وبالتالي، حماية خصوصية بياناتهم.

يظل هناك قلق متزايد من قبل المستخدمين تجاه الوضع القائم من جانب منصات التواصل الاجتماعي والبحث، وما إذا كانت تراقب محادثاتهم الشخصية الخاصة بدلًا من مجرد تتبعهم وأنشطتهم على شبكة الانترنت. هناك شكوك كانت قد أثيرت في وقتٍ سابق حول تجسس فيس بوك على مستخدميها من خلال تطبيقهم للمحادثات واتسآب.

بجانب ذلك، هناك العديد من المستخدمين الذين كانوا قد أبلغوا بأنهم شاهدوا إعلانات على الانترنت متعلقه بمحادثاتهم الشخصية، وهناك من أفادوا بأنهم رأوا اعلانات خاصة ببعض المعلومات التي كانوا قد تحدثوا حولها في المكالمات الهاتفية، مما ينبئ بأن تلك المنصات تستخدم ميكروفونات الهواتف الذكية بدون علم المستخدمين لمراقبتهم ومعرفة ميولهم وتفضيلاتهم الشخصية.

وانطلاقًا من شكوى المستخدمين المتكررة خلال الأعوام القليلة الماضية من هذا الأمر، بدأ المصنع الأشهر آبل باتخاذ خطوات من شأنها أن تحمي خصوصية بيانات المستخدمين. من خلال تحديثات أنظمة التشغيل الأخيرة التي أطلقتها وأعلنت عنها آبل، أصبحت آبل تجبر منصات مثل فيس بوك وجوجل والمنصات الأخرى على أخذ الإذن من المستخدمين بمراقبة أنشطتهم عبر الانترنت، وأصبح هناك خيار لرفض هذا الأمر.


أما عن جوجل، فمن الواضح أنها قد قررت أن تسير على خطى آبل، لأنها كانت قد أعلنت خلال فعاليات مؤتمر مطوريها الأخير عن تغييرات قادمة إلى نظام أندرويد 12 من شأنها حماية خصوصية بيانات المستخدمين. هذا بالإضافة إلى بعض التحديثات التي كانت جوجل قد أعلنت عنها لحماية خصوصية المستخدمين على متصفح كروم.

تعليقات