لماذا اهتمت آبل فجأة بخصوصية المستخدمين مع تحديث iOS 14.5 ؟



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


أطلقت آبل تحديثًا جديدًا لنظام التشغيل الخاص بها والمُوجه لهواتف آيفون وأجهزة آيبود تاتش تحت رقم إصدار 14.5 منذ أيامٍ قليلة. جلب هذا التحديث العديد من الميزات الجديدة التي تم الإعلان عنها على فترات متقطعة خلال الشهور الماضية وقد سلطنا الضوء على أهم هذه المميزات الجديدة في موضوع سابق حيث تضمن دعم فتح بصمة الشاشة بهواتف آيفون أثناء ارتداء الكمامة عبر ساعة آبل، وإطلاق بعض الرموز التعبيرية الجديدة، ودعم اتصال وحدات التحكم الخاصة بمنصات بلاي ستيشن 5 والسلسلة إكس من منصة إكس بوكس.

لكن الميزة الأكثر جلبًا للتغطية الإعلامية، والتي كانت قد شغلت الرأي العام منذ عدة شهور هي شفافية تتبع التطبيقات (App Tracking Transparency). ولعل اسم تلك الميزة سيكون نفس الاسم الخاص بمعارك أخرى قادمه بين آبل ومطوري تطبيقات هواتف آيفون.



بالعودة إلى شهر يونيو من العام 2020 المنصرم، كانت آبل قد أعلنت عن تلك الميزة الجديدة والتي كان من المفترض أن تخبر مستخدمي هواتف آيفون وأجهزة آيبود تاتش بأي التطبيقات التي تتبع نشاطهم وتجمع عنهم المعلومات. ضجةً كبيرةً كانت قد أُثيرت عند الاعلان عن تلك الميزة في بادئ الأمر، وهو ما اضطر آبل إلى إرجاء تطبيق ونشر تلك الميزة إلى وقت لاحق حتى يستطيع مطوروا التطبيقات – مثل شبكات التواصل الاجتماعي كفيس بوك- التأقلم مع تلك الميزة ولملمة أوراقهم قبل وقت لن ينفع التحايل به. وكما وعدت آبل، تضمن الإصدار الأحدث 14.5 من نظام التشغيل iOS تلك الميزة.


كيف كانت آلية عمل تتبع المستخدمين من قبل على iOS ؟


قبل تحديث 14.5، كان في إمكان المطورين استخدام بعض الأدوات لتتبع أنشطة المستخدمين من خلال تطبيقاتهم عبر استخدام مجموعة من الأدوات المبنية في نظام التشغيل بشكل مسبق. استفاد المطورين سابقًا بعد جمل تلك المعلومات من خلال بيعها إلى المعلنين والشبكات الإعلانية والتي كانت تدمج تلك البيانات جنبًا إلى جنب مع بضع مصادر المعلومات الأخرى عن نفس المستخدمين مما يسمح لتلك الشركات أرشفة مستخدمين تلك الخدمات حول الكرة الأرضية في هيئة أرقام تلد على ملفات شخصية افتراضية للمستخدمين.

لقرابة عِقد من الزمن، دعمت آبل جمع تلك المعلومات في نظام التشغيل iOS عبر أداة شهيرة تُدعى IDFA (مُعَرف المعلنين). بالإضافة إلى ذلك، اعتمد المطورين خلال تلك الفترة على بعض الأدوات الأخرى لجمع معلومات متنوعة من حيث الطبيعة والاستخدام اللاحق لها والاستفادة منها.

لماذا تتغير قوانين ميزة شفافية تتبع التطبيقات الآن؟!



من الناحية التقنية، لا يُعتبر التغير في سياسة ميزة "شفافية تتبع التطبيقات" في حد ذاته بالأمر الجلل. أصبحت آبل الآن تُمكن المستخدمين من إلغاء الاشتراك في أداة IDFA بناءً على رغبتهم وهو ما لم يكن يحدث قبل ذلك. بالإضافة إلى ذلك، بات على المستخدم الموافقة على تتبع التطبيقات في بداية فتحها وفي منتصف فترة الاستخدام لتلك التطبيق.

بمجرد التحديث إلى إصدار 14.5، باتت آبل تجبر المطورين على طلب إذن المستخدم ونيل الموافقة قبل تتبع أي من بيانات استخدامه لهاتفه أو لشبكة الانترنت. كما في الصورة بالأعلى، يتم سؤال كل مستخدم قبل تتبع بياناته على إصدار 14.5 من نظام التشغيل iOS. إذا وافق المستخدم على تتبع معلوماته وبيانات استخدامه، سيعمل الأمر كما كان يعمل طيلة السنوات الماضية، وإن لم يوافق، لن يستطيع مطورين التطبيقات متابعة المستخدم بأي شكل أو بيع أيًا من بياناته سواء كان باستخدام أداة آبل IDFA أو أي أداة أخرى.

هل هناك من استثناءات أو بدائل؟!


هناك بعض الاستثناءات بالطبع، فلا يوجد أي قانون بلا ثغرات. ثغرة هذا القانون هو امتلاك الشركات لأكثر من تطبيق على نفس المنظومة، مثل تطبيقي فيس بوك وإنستجرام المملوكين لشركة فيس بوك. سيكون من الممكن أن يتتبع فيس بوك نشاطك عليه واعجاباتك ومزامنة تلك البيانات مع تطبيق انستجرام. من الممكن أن يظهر هذا الأمر بصورة ليست مرغوبة، ولكن تذكر أن كلا التطبيقين لن يستطيعون معرفة أو تتبع ما تفعله على هاتفك الذكي بشكلٍ عام.


عوضًا عن ذلك، قدمت آبل أداة جديدة للمطورين لاستخدامها بدلًا من الاداة السابقة IDFA. ستوفر آبل أداة SKAdNetwork لإخبار الشركات عن عدد المرات التي تم تثبيت فيها تطبيق بعد رؤية الإعلان الخاص به، والتي ستمكنهم أيضًا من معرفة عدد الأشخاص الذين قد ضغطوا على إعلانٍ ما بداخل التطبيق. تقول آبل أن تلك الأداة ستمكن الشركات من معرفة أرقام النقرات فقط على سبيل المثال، ولن تمكنهم من معرفة من الأشخاص الذين نقروا. كما ذكرنا، مجرد رقم لعدد النقرات بدون أي دلالات على أيٍ ممن أدوا تلك النقرات.

لماذا أزعج هذا التحديث بعض المتابعين ؟




هناك بعض الكيانات التي أبدت إعجابها بتلك الميزة الجديدة من آبل، حيث أشادت مجموعة Electronic Frontier Foundation بمثل هذه الخطوة وسط وصفها لهذه الميزة الجديدة بأنها خط أساس واضح وعادل.

وكعادة جميع القوانين الجديدة، لا يحبها الجميع. كانت هناك بعض الاعتراضات من بعض المطورين، لعل أشهرهم كانت شركة فيس بوك التي هاجمت الأمر بشدة وأفادت بأن تلك الميزة ستجعل من الصعب استهداف العملاء الجدد عبر الشركات الإعلانية المتخصصة المختلفة، وهو ما سيضر بدوره بمصالح الكيانات الاقتصادية الصغيرة ومتناهية الصغر التي كانت تعتمد على بث إعلاناتها على شبكة فيس بوك لاجتذاب العملاء الجدد. من الجدير بالذكر أن شركة فيس بوك قد استغلت الصفحة الأمامية لأحد الصحف الأميركية الشهيرة في نشر إعلان بحجم الصفحة كاملةً. كانت مهمة هذا الإعلان هو التوعية بأخطار تلك الميزة الجديدة من آبل وتأثيراتها على الكيانات الاقتصادية بشكلٍ عام.

لا تخدعنك اللهجة الإيثارية في بيانات فيس بوك السابقة حول هذا الصدد، لأن الخسارة لن تقتصر على الكيانات الاقتصادية الصغيرة أو النامية فقط، ولكنها ستطال فيس بوك بدورها. لا يمثل مستخدمو هواتف آيفون الجزء الأكبر من مستخدمي تطبيقات فيس بوك بشكلٍ عام؛ بحيث لن تؤثر تلك القضية على أرباح فيس بوك إلا بنحو 5% حسب تقديرات المتخصصين. ولكن تذكر أن نسبة 5% من إجمالي الإيرادات السنوية والذي بلغ 84 مليار دولار أميركي سيصبح مبلغ نقدي كبير أصبح في خبر كان، حيث تم تقدير نسبة 80% من مستخدمي تطبيقات فيس بوك على هواتف آيفون لن يرغبوا بمشاركة بياناتهم مع فيس بوك.

كما قررت آبل منح فرصة أخرى لبعض التطبيقات حتى تعرض تفاصيل خدماتها وتُري المستخدمين لماذا يرغبون بجمع بياناتهم ومعلومات النهج الخاص بهم من خلال تتبع أنشطتهم على هواتفهم الذكية.

هل يمكن لبعض التطبيقات الأخرى أن تتبع نشاطك على الانترنت؟!


من المفترض أن يمتد رفض المستخدم لتتبع تطبيقٍ ما أو شركةٍ ما لبياناته، بحيث يتوقف تدفق جميع المعلومات الخاصة به من خلال أداة آبل IDFA. لذا، إن رفض المستخدم جمع بياناته، لن يستطيع المطورون الوصول إلى بياناته مهما حدث. صرحت آبل أيضًا بأنه سيكون على المطورين والشركات احترام رغبات المستخدمين، بحيث أعلنت بأنه سيتم إيقاف أي تطبيق قد يحاول تتبع نشاطات المستخدمين عبر إحدى الثغرات على سبيل المثال.

وماذا عن تطبيقات آبل الخاصة؟!




تقول آبل أنها ستلتزم بنفس القانون والميزة الجديدة كمسألة متعلقة بالمبدأ وسياسة الاستخدام بين آبل والمستخدمين. كما ادعت الشركة بأن تطبيقاتها لا تتبع المستخدمين بقدر التطبيقات الأخرى التابعه لمطورين وشركات أخرى، بحيث لن تستخدم آبل بيانات المستخدمين في بث الإعلانات للمستخدمين المستهدفين على سبيل المثال.

على الرغم من ذلك، لا تزال آبل تقوم بتتبع أنشطة المستخدمين للقيام باستهدافهم ببعض الإعلانات، مثل الإعلانات المتعلقة بمتجر آبل للتطبيقات (App Store) والتي تقوم على إظهار التطبيقات الجديدة من خلال الإعلانات للمستخدمين المستهدفين.

كما هو واضح، فإن آبل تستخدم البيانات والمعلومات الخاصة بالموقع الجغرافي للمستخدمين، إعدادات لغة لوحة المفاتيح، نوع الجهاز، إصدار نظام التشغيل، شركة شريحة البيانات (Sim Card)، وبعض البيانات الأخرى لاستهداف المستخدمين من خلال الإعلانات على تطبيقاتها. تستخدم آبل أيضًا بيانات وعمليات الشراء السابقة لوضع المستخدمين في شرائح استهلاكية لمنحها استهداف أفضل من خلال الإعلانات فيما بعد.

يعتبر الفارق في عملية جمع البيانات بين آبل والشركات والمطورين الآخرين، هي أن آبل لا تبيع البيانات للشركات المختصة من شركات الطرف الثالث الإعلانية. كما يمكنك إلغاء هذا التتبع من خلال فتح تطبيق Settings ثم اختيار Privacy واختيار غلق خيار Apple Advertising.

هل هناك أي مخاوف حول ممارسة الاحتكار في المستقبل ؟


بالطبع، هناك العديد من المخاوف حول احتكار آبل لتلك الميزة واقتصار وتوجيه الاستفادة منها لصالح شركة آبل فقط. كانت مجموعة ألمانية من المعلنين قد قدمت شكوى بالفعل حيال هذا الأمر وبشأن التحديث الجديد المذكور، كما أسقط المنظمون الفرنسيون شكوى أولية لمكافحة الاحتكار ضد آبل، وادعى بيان اسقاط تلك الدعوى بأن نظام آبل الجديد لم يبدو مسيئًا حتى الآن.

هل سيتم إزعاجي مدى الحياة بنوافذ طلب الإذن لتتبع النشاط ؟


بالطبع لا؛ بالنسبة إلى التطبيقات التي تقوم على تتبع نشاط المستخدمين، ستطلب منك الإذن مرة واحدة فقط عند فتح التطبيق بعد تثبيت الإصدار 14.5 من نظام التشغيل iOS. بالنسبة إلى المطورين الآخرين الذين لا يتتبعون أنشطة المستخدمين، لن تظهر أية نوافذ. هناك طريقةً أخرى لمساعدة المستخدمين على رفض جميع عمليات التتبع من زر واحد عبر فتح تطبيق الإعدادات Settings ثم الضغط على Privacy ثم Tracking، وأخيرًا إلغاء تمكين خيار Allow Apps to Request to Track. من المفترض أن يستطيع المستخدمين من قفل وفتح إعدادات التتبع من قائمة تلك الاختيار بخصوص كل تطبيق على حده.

تعليقات