يعج الإنترنت بفوائد لا حصر لها ولا يمكن لمعظمنا أن يتخيل الحياة بدونه، ولكن كم مرة سمعنا أن حياة فلان قد انتهت بسبب ابتزازٍ على الشبكة العنكبوتية؟ الحقيقة أن مستخدم الإنترنت يجب عليه أن يكون واعيًا بالقدر الكافي هذه الأيام، فمع كل تطور يحدث لأساليب الحماية والأمان، تظهر حيل جديدة للاختراق والخداع. فيما يلي سنتحدث عن الأنواع السبعة المختلفة، والمنتشرة، للاحتيال عبر الإنترنت. هذه الأنواع ستشمل الرسائل المزيفة وطريقة رصدها وردعها، والتصيد الاحتيالي وكيفية التعامل معه، وبالطبع الاحتيالات المالية التي تنطلي على كِبار السن تحديدًا، وهي الفئة الأكثر عُرضة لأنواع الاحتيال المختلفة التي سنتحدث عنها.
أنواع الاحتيالات على الإنترنت
أولًا: الرسائل المزيفة
عادة ما تبدأ الرسائل المزيفة بطريقة مُنمقة وبريئة على النحو التالي: تأتيك رسالةٌ من شخصٍ غير مسجل بجهات اتصالك، قد يكون عضوًا مشتركًا بإحدى مجموعات واتساب أو شخصًا قابلك بالصدفة واستطاع بطريقة ما أن يحصل على رقمك، المهم أنك لا تعرف هويته ورُغم ذلك تعطيه الأمان بسبب أسلوبه اللطيف عندما قال: "مرحبًا يا فلان، لقد رأيتك في تلك المناسبة، كيف حالك؟". إلى الآن كل شيء يسري على ما يُرام ولا مشكلة في رد السلام، إلّا إذا أرسل لك الشخص رابطًا غريبًا أو وجدته يتحدث بعشمٍ وكأنه يعرفك منذ سنين، في هذه الحالة توخ الحذر ولا تضغط على أي رابطٍ أو تبوح بمعلومات شخصية حتى تتأكد من هويته.
حاول دائمًا أن تجعل الشخص الغريب يُلقي بما في جعبته أولًا قبل أن تتحدث عن أي شيء، وتيقن أننا لا نتحدث عن نظريات مؤامرة هنا، فالكثير من الاحتيالات تبدأ هكذا، وإذا كنت متأكدًا من أنك ناضجٌ كفاية ولا يمكنك أن تقع ضحيةً لهذا النوع من الزيف، فقم بتوعية كل الأشخاص الذين تهتم لأجلهم.
ثانيًا: الإعلانات المريبة
أصبح الإنترنت مليئًا بالإعلانات أكثر من أي وقتٍ مضى، لقد اعتدنا وجود عشرات الإعلانات بالمواقع المختلفة، والتي على الرغم من موثوقية الكثير منها – وربما معظمها – فإن بعضها يكون احتياليًا بامتياز. على سبيل المثال قد تجد إعلان الوظيفة التي تبحث عنها يطلب 10 دولارات مقابل ملء استمارة التقديم، أو صاحب جهاز البلايستيشن 5 الذي تريده يطلب "عَربونًا" (جزءًا من المال) قبل أن يشحنه لك، بل ربما يطلب منك أن تدفع سعر الجهاز بالكامل مقدمًا! نعم، يمكنك أن تفعل ذلك إذا كنت تتعامل مع متجرٍ إلكترونيّ موثوق ومعروف، ولكن أن تثق بشخصٍ غريب؟ لا ننصح بذلك تمامًا.
نوصيك دائمًا بالتعامل مع المتاجر أو الأشخاص الموثوقين، قيّم الوضع بعقلك لا بعاطفتك؛ انظر إلى تقييمات العملاء (والأهم أن يكون عددهم كبيرًا للدرجة التي يستحيل عندها أن تكون جميع حساباتهم مزيفة) وإلى منطقية الموقف بشكلٍ عام، وبالنسبة للوظائف تحديدًا، فلا تدفع قرشًا واحدًا لتتقدم لأي وظيفة، والشيء نفسه ينطبق على أي شيء آخر على الإنترنت.
ثالثًا: احتيالات خدمة العملاء
هذا النوع من الاحتيالات موجود منذ زمن بعيد، ورغم ذلك تجد الكثيرين، وتحديدًا من لا عهد لهم بالإنترنت، يقعون ضحيته. إذا اتصل بك أحدهم على هاتفك الذكي مُدعيًا أنه من خدمة العملاء، فهناك بضعة أشياء ننصحك بفعلها: لا تعطه معلومات شخصية، حاول أن تنقل المكالمة إلى الهاتف الأرضيّ، تأكد من الرقم جيدًا، إذا ادعى أنه من شركةٍ كبيرة مثل مايكروسوفت أو أبل فأغلق الخط فورًا، إذا أرسل لك رابطًا يحثك على اتخاذ إجراءٍ سريع لأن جهازك يحتوي على فيروسات أو شيء من هذا القبيل، فاهدأ وتجاهل كل هذا الهراء.
رابعًا: التصيد الاحتيالي
أحد أشهر الحيل وأكثرها انتشارًا حتى يومنا هذا، ومن أشهر أساليبها أن يقوم المحتال بعمل صفحة تسجيل دخول مزيفة لموقعٍ ما ويرسلها لك، على سبيل المثال: قد يُصمم المحتال – أو يستخدم قوالب ومواقع جاهزة – صفحة تسجيل الدخول الخاصة بفيسبوك بخانةٍ لاسم المستخدم Username وأخرى لكلمة السر Password وينشرها على العلن؛ في المجموعات مثلًا. يدخل أحد المستخدمين إلى هذه الصفحة المزيفة – والتي تبدو مثل الحقيقية – فيكتب بريده الإلكتروني وكلمة السر في الخانات المخصصة لذلك فيصل ما كتبه إلى المخترق الذي لا يتوانى في سرقة الحساب.
طبعًا هذا مثال بسيط للتصيد الاحتيالي الذي يتخذ أشكالًا عديدة ويمكن أن يكون أكثر إغراءً وتعقيدًا وخطورة من هذا بكثير، خاصة وإن كان الأمر متعلقًا بالمعلومات البنكية مثلًا أو صفحات باي بال، إلخ. إن أفضل طريقة للتعامل مع هذه النوعية من الحيل ألا تضغط على أي رابط أبدًا وأن تذهب إلى المصدر مباشرةً، على سبيل المثال إذا وجدت كلمة "Facebook" بالرابط، فاذهب إلى جوجل وابحث عن فيسبوك من هناك وسجل الدخول بالطريقة المعتادة.
خامسًا: الحيل المتعلقة بالاستثمار
وتحديدًا في العملات الرقمية، وغالبًا ما تتم هذه الحيل بنفس الفكرة واستنادًا إلى مفهوم الـ FOMO، أو الـ "Fear Of Missing Out"، أي الخوف من فوات فرصة ما، فتجد المحتالين يحثونك على الإسراع واستغلال الفرصة التي لا تأتي سوى مرة في العمر، يطلبون منك قدرًا معينًا من المال ويزعمون أنهم سيستثمرونه في البيتكوين مثلًا ورده إليك أضعافًا مضاعفة. إذا عُرض عليك شيئًا كهذا فاهرب فورًا وتذكر أن الثراء السريع ليس سوى وهم، في الأغلبية الكاسحة من الحالات على الأقل.
سادسًا: الحيل البنكية
مثلها مثل احتيالات خدمة العملاء، ولقد انتشرت مؤخرًا بشكلٍ غريب وخُدع لها الكثيرون بشكلٍ أغرب، حيث يأتيك أحدهم في رسالةٍ نصية أو مكالمة هاتفية مُنتحلًا شخصية موظف العملاء بالبنك ويخبرك بأن حسابك موقوف ولتفعيله عليك أن تعطيه بيانات مثل رقم الحساب وكلمة السر. بعيدًا عن مدى سذاجة هذا الطلب والأخطاء الإملائية الواضحة وضوح الشمس في الرسائل الاحتيالية من هذا النوع، وبعيدًا عن أن المحتال يراسلك من رقمه الشخصي الذي يفضحه على تطبيقٍ مثل Truecaller ولا يمت للبنك بصلة، إلا أن هذه الحيل لا زالت تعمل لسببٍ أو لآخر. تيقن أن البنك لن يطلب منك بيانات مثل كلمة سر الحساب ولن يتواصل معك إلا من الأرقام الرسمية.
سابعًا: انتحال الشخصيات
في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، لم يعد انتحال الشخصيات على الإنترنت أمرًا صعبًا، لا سيما إذا كنا نتحدث عن استنساخ الأصوات، ولهذا فمن الوارد أن يستنسخ المحتال صوت أحد أفراد العائلة، يتواصل معك صوتيًا على الهاتف مُبررًا الرقم الغريب بأي شيء (أو حتى يسرق هاتفًا مألوفًا لديك)، ويطلب منك أن ترسل له مالًا بشكلٍ عاجل لأنه في مأزقٍ ما. في هذه الحالة، وكما تعودنا، عليك أن تتحسس مسدسك وأن تختبر المتصل بعدد من الأسئلة الشخصية مثلًا قبل أن تتسرع.
الجدير بالذكر أن أفضل طريقة للتعامل مع المحتالين على الإنترنت هو الإبلاغ عنهم وحظرهم فورًا، لا تنصاع لأيٍ من الأشياء التي تشك في موثوقيتها، وحاول دائمًا أن تؤمن حساباتك بوسيلةٍ مثل المصادقة الثنائية، والأهم من ذلك أن تكون واعيًا بجميع أنواع الاحتيال الممكنة على الإنترنت.