أهم ما تحتاج معرفته عن الجيل التالي من الإنترنت – Web 3.0



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


ربما قد مرّ عليك مصطلح "Web3" أو Web 3.0 أو ما يعرف بالجيل الثالث للإنترنت، وربما أيضًا لا، فهو حتى الآن ما زال مصطلحًا يتم تداوله لدى أصحاب الاهتمام العالي والفاعلين الرئيسيين على الإنترنت، من شاكلة خبراء الإنترنت وسياسات التخطيط، وملاك الشركات الضخمة، كـ "إيلون ماسك" أغنى شخص في العالم والرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، (الذي لم يبدُ متحمسًا له)، أو المتداولين في سوق العملات الرقمية والمهوسين بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT). ومع هؤلاء، هناك قطاع واسع من الأشخاص المتحمسين لإنترنت أكثر خصوصية، يروجون للجيل القادم من الإنترنت.

ويرجح خبراء ومختصين في الإنترنت أننا إزاء تغيّر كبير سيطال الإنترنت، سيعيد فهمنا للعديد من التعاملات والمفاهيم المرتبطة به، وربما يحدث تغييرًا جذريًا يهدد سيطرة كبرى شركات الإنترنت كـ "جوجل" و"ميتا" (فيسبوك سابقًا)، وأمازون، وغيرها من العديد من الشركات. ولكن ماذا يعني الجيل التالي من الإنترنت أصلاً ؟ دعنا نلقي نظرة على ماهية Web3 وما يخبئه لنا.



أجيال الإنترنت المختلفة وما هي خصائصها ؟


لفظة "جيل" أو الرقم الملحق بكلمة "Web" هنا لا يعني رقم الإصدار بصورة حرفية، كالجيل الأول للحواسيب، أو الجيل الثاني، فلم يكن هناك إصدار "1" من الإنترنت بشكلٍ رسمي، لكن اللفظ يطلق عمومًا ليصف مجموعة من الخصائص التقنية التي ميزت حقبة زمنية معينة من تاريخ الشبكة العنكبوتية العالمية "World Wide Web"، والتي تعرف اختصارًا بـ "WWW".



فالجيل الأول "Web1"من الشبكة العنكبوتية، والذي يقدر أنه استمر حتى حوالى العام 1995، كان يعرف بأنه محدود للغاية، أي أنه يعتمد على التصفح بالكامل، مع محدودية الوصول للبيانات، فلم يكن في ذلك الوقت من الممكن إنشاء حسابات شخصية في موقع مثلًا، وحتى إنشاء المواقع كان مسألة في غاية الصعوبة وحكرًا على الشركات الكبرى، ليس كما اليوم حيث من الممكن لأي شخص إنشاء موقع وإدارته. اختصارًا؛ كان الويب مكانًا للتصفح فقط بالمعنى الحرفي، وكأنك بالضبط تحمل كتابًا تقرأه ولا يمكنك إضافة أي شيء فيه.

ثم جاء Web 2.0 وغير كل شيء !


النقلة الأساسية التي حدثت في Web1 وانتقلت بنا إلى عصر "Web2" الذي نستخدمه الآن (بدأ التغيير منذ نهايات التسعينات من القرن الماضي، ويتعارف على عام 2005 أنه العام الذي شهد التحول إلى Web2) هي أن الشبكة العنكبوتية أصبحت أكثر تفاعلًا وديناميكية، حيث بات من الممكن للمستخدمين إضافة التعليقات وإنشاء حسابات خاصة، وتحميل ملفات من وإلى المواقع.

هذه النقلة شهدت تغيرًا كبيرًا على مستوى البنية الهيكلية لشبكة الويب، حيث زادت سرعات الاتصال، متزامنة مع ظهور تطبيقات تتماشى مع المتطلبات الجديدة، كتطبيقات التراسل الفوري، والمواقع التي تسمح بإنشاء حسابات للمستخدمين، وغيرها من التطبيقات التي غيرت مفهوم الويب كليًا.




وتجلت قمة تطور Web2 في ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الخاصة وخدمات الاستضافة والتخزين السحابي، فأصبح المستخدم يستفيد بشكل كبير من إمكانيات الإنترنت للدرجة التي يتعدى فيها كونه مستخدمًا إلى وصفه أحد المشغلين للشبكة العنكبوتية.

العيوب التي طرأت على الجيل الثاني Web 2.0




بالرغم من أن الانتقال إلى Web2 كان طفرة كبيرة في وقته، لكن مؤخرًا تزايدت الانتقادات الموجهة للشركات التي نمت في ظل التغيرات الجديدة، حيث باتت شركات كبرى مثل ميتا MITA وجوجل، تمتلك كمية هائلة من البيانات الخاصة بالمستخدمين، والتي تمكنها من التحكم بشكل شبه كامل على الإنترنت، مما أثار حنق بعض الأشخاص الطامحين لإنترنت حر بالكامل، لا يتم فيه استخدام البيانات الخاصة واحتكارها والمتاجرة بها مما يشكل استغلالاً للمستخدم وخصوصيته. وكما صرحت مجلة The Economist في 2017: لم يعد النفط هو المورد الأكثر قيمة في العالم، وإنما بيانات المستخدمين على الإنترنت.

وتوالت الاتهامات للشركات بانتهاكها لخصوصية المستخدمين، والزج ببيناتهم الشخصية وتوظيفها من أجل جني أرباح خاصة، كالاتهام الذي طال شركة "فيسبوك" سابقا. وكما يقول منتقدي سياسات الشركات الكبرى أن تلك الشركات تقوم بالوصول إلى معلومات خاصة وحساسة، في ظل عدم وجود ضرورة حقيقية للوصول لتلك المعلومات، حيث تشترط بعض الشركات والتطبيقات في بنود الاستخدام أذونات كثيرة وغير ضرورية.

أيضًا تتهم الشركات القابضة في الإنترنت بممارستها تمييزًا على أساس ثقافي وسياسي، يحرم مجموعات كبيرة من البشر من الاستفادة من إمكانيات الشبكة العنكبوتية، كالحظر الممارس من بعض الشركات على مواطني دول بعينها، كحظر متاجر التطبيقات والتسوق الإلكتروني في بعض البلدان.

إذاً، فكيف سيعمل Web3 ؟


الميزة الأساسية التي يتحدث عنها المبشرين بالجيل الجديد بأن البيانات المركزية الضخمة الخاصة بالإنترنت وبكبريات المواقع، لن تكون بيانات مركزية مخزنة في حواسيب خاصة بشركات محددة، كخوادم شركات جوجل أو أمازون، بل سيتم تخزينها عبر خوادم غير مركزية، تمثل أجهزة الأفراد المتصلين والمستخدمين للإنترنت.




ولا يمكن فهم عمل الجيل الثالث من الإنترنت Web3 دون فهم تقنية بلوك تشين Blockchain التقنية المستخدمة في مجال العملات الرقمية المشفرة، والتي سيعتمد عليها الجيل الجديد للإنترنت، لاتخاذها وهي وأنظمة الذكاء الاصطناعي (AI) لتخزين وتشغيل وإدارة البيانات في الجيل القادم من الإنترنت.

تقنية البلوك تشين تقوم في الأساس على أن قواعد البيانات الأساسية ستكون لا مركزية عبر توزيعها على عدد من الحواسيب الخاصة بالمستخدمين، بدلًا من الخوادم المركزية للشركات، وبالنسبة للبيانات الشخصية فسيتم تأمينها عبر المفاتيح الخاصة كما في المحافظ الرقمية، حيث ستكون أي معلومة وأي بيانات خاصة بك أنت وحدك، وإمكانية التعديل أو التلاعب بها تعتبر من المستحيلات.

فعليًا هناك العديد من المواقع على الإنترنت بدأت منذ الآن بطرح نفسها باعتبارها جزءً من الجيل القادم من الإنترنت، كما طرحت نفسها بديلا لكبرى المواقع، فهناك خدمة Status التي تطرح نفسها بديلًا لواتساب، وأيضًا هناك Akasha الذي يروج له كبديل لموقع فيسبوك، وبالتأكيد مرّ عليك متصفح Brave الذي يعد البديل لمتصفح جوجل كروم والذي باستخدامك له يتم التعدين لعملة Basic Attention Token الرقمية المشفرة.

رغم ذلك، من الصعب القول أننا الآن قد انتقلنا من عهد Web2 إلى Web3 لكن من المؤكد أن هناك العديد من الجهات التي تعمل بشكلٍ جاد لكسر هيمنة الشركات على الإنترنت، وبالرغم من أن الأمر يبدو أقرب لليوتوبيا لكن ربما نجاح العملات الرقمية المشفرة، والتي كانت حتى قبل أعوام بمثابة أمر أشبه للخيال، يبدو حافزًا لهذه الجهات التي تبشر بالجيل الثالث من الشبكة العنكبوتية العالمية.

تعليقات

إرسال تعليق