تجربة الألعاب على لينكس: هل يمكن الاعتماد عليه بديلاً لويندوز؟

كشفت إحصائية جديدة أن لينكس يوشك على منافسة ويندوز بقوة في تشغيل ألعاب الـ PC فدعونا نستعرض التفاصيل معًا.
قبل بضع سنوات، الألعاب كانت السبب الذي يجعل معظم الجيمرز يبقون على نظام ويندوز. فمهما كانت مزايا توزيعات لينكس، كانت الجملة نفسها تتكرر دائمًا: "لينكس غير مناسب للألعاب". أما اليوم، فذلك العهد يبدو وكأنه أصبح جزءًا من الماضي، فبحسب تحليل نشره موقع Boiling Steam بالاعتماد على بيانات مجتمع ProtonDB، أصبح نحو 90% من ألعاب ويندوز يمكن تشغيلها الآن على لينكس. بالتأكيد هذا رقم لافت ومُذهل، بل يشير إلى مرحلة فارقة في تاريخ هذا النظام مفتوح المصدر. ومع ذلك، قبل إعلان الانتصار، يجب التذكير بأن تشغيل اللعبة لا يعني بالضرورة أنها تعمل بسلاسة أو بأفضل أداء. فهناك عقبات ما زالت قائمة مثل التوافق، والحاجة إلى إعدادات يدوية، ومشاكل أنظمة مكافحة الغش. لذلك دعونا نستهل السطور التالية لمعرفة ما إذا كان لينكس قد أصبح أخيرًا جاهزًا لعالم الجيمنج ليكسر هيمنة ويندوز؟ دعونا نستعرض الوضع بواقعية، بلا مبالغة أو تشاؤم!
Gaming PC

الاعتماد على لينكس لتشغيل الألعاب

تصاعد انتشار ألعاب ويندوز على لينكس

نتيجة احصائيات منصة Boiling Steam

كما أشرنا في المقدمة، النسبة البالغة 90% لم تأتِ من فراغ، بل تشير إلى معطى حقيقي وهو رسم بياني نُشر في نهاية أكتوبر على منصة Boiling Steam التي تتابع عن كثب تطورات قاعدة بيانات ProtonDB حيث يشارك فيها مستخدمو نظام لينكس تجاربهم حول مدى توافق ألعاب ويندوز مع التوزيعة التي يستخدمونها. في السابق، كان ProtonDB يعتمد على نظام تقييمات قديم خاص بـ WINE (مثل Platinum و Gold و Silver وغيرها) حيث كان المستخدمون يقيّمون الألعاب بأنفسهم. لكن منذ أواخر عام 2019، أصبح الموقع يولّد التقييمات تلقائيًا استنادًا إلى البيانات الفعلية التي تتضمن سجلات الأداء، والمشاكل، والإعدادات، وغير ذلك من التفاصيل التقنية.

موقع Boiling Steam استخدم هذه البيانات في تحليله، لكنه طبق معاييره الخاصة للتصنيف، والتي تختلف قليلًا عن تلك التي يعتمدها ProtonDB. ومع ذلك، ظلّت فئات التقييم الأساسية كما هي، بحيث يشير Platinum (باللون الأخضر) إلى أن اللعبة تعمل بسلاسة دون الحاجة لأي تعديل، بينما Gold (اللون الذهبي) تعني أن اللعبة تشتغل جيدًا لكنها تتطلب تعديلًا بسيطًا في الإعدادات. أما Silver (الأصفر) يعني أن اللعبة تعمل لكنها تعاني من بعض العيوب في الأداء أو الاستقرار، والـ Bronze (الأحمر) يشير إلى أن اللعبة يمكن تشغيلها لكن بجودة ضعيفة أو بها مشاكل عديدة. أخيرًا، يعني Borked (أحمر غامق) أن اللعبة لا تعمل إطلاقًا.

الرسم البياني الذي عرضه Boiling Steam يستند فقط إلى الألعاب التي تلقت تقارير خلال الشهر نفسه، أي أنه يشمل الألعاب الحديثة أو تلك التي لا تزال تحظى بشعبية ويتم اختبارها باستمرار. ووفقًا لبيانات أكتوبر 2025، فإن نحو 90% من الألعاب التي أُبلغ عنها كانت قابلة للتشغيل على نظام لينكس، باختلاف درجات الأداء والتوافق.

سبب تحسن الأداء مقارنة بالماضي

برنامج ستيم على لينكس

إذا كانت توافقية الألعاب على نظام لينكس قد شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة – كما لاحظنا من الإحصائية السابقة – فذلك يعود في المقام الأول إلى شركة Valve. فمُنذ إطلاق جهاز Steam Deck، بذلت الشركة جهودًا ضخمة لضمان تشغيل أكبر عدد ممكن من الألعاب على لينكس، وقد أثمرت هذه الجهود بوضوح. ففي البداية كان الأمر يتطلب استخدام أداة Wine والتي تضيف طبقة برمجية على لينكس تتيح تشغيل برامج ويندوز. لكن تثبيت لعبة باستخدام Wine لم يكن مهمة سهلة، بل كان أشبه بتحدٍّ يتطلب الصبر والتعامل مع أوامر معقدة.

ثم جاءت Valve لتبسط الأمور عبر مشروعها Proton، وهي نسخة محسّنة من Wine مصممة خصيصًا للألعاب، وتضم أدوات مثل DXVK و VKD3D-Proton التي تسمح بتشغيل واجهات DirectX على لينكس من خلال Vulkan. والنتيجة أن العديد من الألعاب أصبحت تعمل مباشرًة من Steam دون الحاجة لأي إعدادات معقدة أو تعديلات يدوية. ولأن جهاز Steam Deck نفسه يعتمد على نظام لينكس (SteamOS) فكان من الضروري ضمان توافق الألعاب حتى إن لم تكن مخصصة للنظام أصلًا. ولتحقيق ذلك، تتعاون Valve مع بعض استوديوهات التطوير وتُدرج أحيانًا إصلاحات خاصة داخل Proton لمعالجة الأخطاء أو تحسين الأداء.

إلى جانب ذلك، دعم مجتمع الجيمرز المطورين هذه الجهود من خلال ابتكار أدوات ومشاريع موازية مثل Proton-GE وأدوات مساعدة مثل Protontricks بالإضافة إلى واجهات رسومية لتسهيل عملية تثبيت الألعاب على مُستخدمي لينكس. باختصار، التطورات أصبحت ملموسة، وتجربة اللعب على لينكس تحسنت بشكل واضح وملحوظ.

مشاكل تشغيل ألعاب ويندوز على لينكس

رغم أن أغلب ألعاب ويندوز يمكن تشغيلها على نظام لينكس اليوم، لكن هذا لا يعني أنها ستعمل بسلاسة تامة دون اختلاف في التجربة، حيث ما زالت هناك بعض التحديات التي قد تكون مزعجة أحيانًا. أول هذه العقبات هي أنظمة مكافحة الغش، فبعض الألعاب الشهيرة مثل Fortnite و Call of Duty و Battlefield 6 و Destiny 2 تستخدم تقنيات تمنع تشغيلها على لينكس حتى وإن كانت طبقات التوافق مثل Wine أو Proton قادرة على تشغيلها من الناحية التقنية. في هذه الحالة، يكتشف نظام الغش المصاحب لهذه الألعاب وجود Wine أو Proton ويقوم بإغلاق اللعبة فورًا. وغالبًا ما يكون هذا القرار مقصودًا من الشركة المطوّرة نفسها.

إضافة إلى ذلك، هناك العديد من الألعاب التي يمكن تشغيلها فعلًا على لينكس، لكنها تتطلب بعض التعديلات اليدوية، مثل تغيير إعدادات التشغيل، أو إضافة مكتبات ناقصة، أو استخدام نسخة مخصصة مثل Proton-GE بدلًا من النسخة الرسمية، أو اللجوء إلى أداة Protontricks لتثبيت برامج معينة. هذه التفاصيل الصغيرة قد تجعل التجربة مرهقة لمن يريد تشغيل ألعابه ببساطة كما يفعل في ويندوز. باختصار، التوافق بين لينكس والألعاب يتحسن باستمرار، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى السلاسة الكاملة.

الأداء الفعلي لألعاب ويندوز على لينكس

السؤال الذي يُطرح كثيرًا هو ما إذا كانت الألعاب تعمل على لينكس بنفس كفاءة عملها على ويندوز أم لا؟ الجواب هو: أحيانًا نعم، وأحيانًا أفضل، وأحيانًا لا. الأمر في الواقع يعتمد على اللعبة نفسها، وعلى الهاردوير المستخدم، وكذلك على توزيعة لينكس التي تعمل عليها. لكن المؤكد أن أداء الألعاب على لينكس لم يعد يختلف كثيرًا عن ويندوز، خصوصًا بعد ظهور توزيعات مخصصة للألعاب مثل Bazzite (وهي نسخة مبنية على SteamOS وموجهة خصيصًا للألعاب).

ولتوضيح الصورة، أُجري اختبار مؤخرًا على جهاز ASUS ROG Ally X يعمل بتوزيعة Bazzite، وجاءت النتائج لافتة، ففي لعبة Kingdom Come: Deliverance 2 حقق الجهاز 62FPS على لينكس مقابل 47FPS على ويندوز. وفي Hogwarts Legacy حقق 62FPS على لينكس مقابل 50 على ويندوز.

هذه الأرقام ليست استثناءً؛ ففي الأجهزة التي تحمل نفس المواصفات، بدأ لينكس يثبت قدرته فعليًا، خصوصًا مع كروت شاشة AMD التي تحظى بدعم ممتاز بفضل التعريفات مفتوحة المصدر والمتوافقة مع لينكس بشكل كبير. أما على Steam Deck، فالأداء أيضًا مميز، إذ تعمل شركة Valve على تحسين تقنية Proton خصيصًا لأجهزتها، وهو ما يظهر بوضوح في الألعاب المصنفة ضمن فئتي "Platinum" و"Gold". ورغم أن التجربة ليست مثالية في كل الحالات، فإن الجمع بين SteamOS وProton أصبح حلًا متكاملًا لمن يريد الاستمتاع بالألعاب دون الحاجة إلى تثبيت ويندوز.

لينكس على أعتاب تجربة ألعاب شاملة

يمكن القول اليوم إن تجربة اللعب على نظام لينكس لم تعد تجربة هامشية كما كانت في الماضي. فمعظم ألعاب ويندوز تعمل عليه دون مشاكل تُذكر، والأداء أصبح في تحسّن مستمر. وكما أشرنا، ساهم جهاز Steam Deck بشكل كبير في انتشار الفكرة وجعلها أكثر شيوعًا. ومع ذلك، لا يمكن القول إن الأمور أصبحت مثالية تمامًا بعد، حيث ما زالت هناك بعض الألعاب التي تفشل في عملية التشغيل بسبب أنظمة مكافحة الغش، أو تحتاج إلى بعض التعديلات اليدوية لتعمل بشكل سليم. بعض المستخدمين لا يمانعون في ذلك، بينما يفضل آخرون البقاء على ويندوز لتجنب أي تعقيدات.

لكن بالنسبة لمُحبي الألعاب الفردية، أو محبي ألعاب الإندي (المستقلة) أو الذين يرغبون في الابتعاد قليلًا عن منتجات مايكروسوفت بشكل أوضح، فقد أصبح لينكس خيارًا عمليًا وقابلًا للاعتماد عليه فعلًا. لكن يبقى السؤال: هل ستجعل شركة Valve نظام SteamOS متاحًا للجميع يومًا ما؟ إن حدث ذلك، فقد نشهد وصول المزيد من الأجهزة التي تعتمد على لينكس كمنصة أساسية، وربما يدفع هذا بعض شركات الألعاب المترددة إلى إعادة النظر في دعمها للنظام.
عبدالرحمن
عبدالرحمن
مدير المحتوى بموقع عالم الكمبيوتر منذُ قرابة 10 سنوات، مدفوعًا بشغفي العميق بالتكنولوجيا الذي أحمله معي في كل مقال ومراجعة.
تعليقات

احدث المقالات