لماذا لم نعد نرى دعم لبطاقات MicroSD في الهواتف الحديثة؟

بالتأكيد لاحظتم خلو الهواتف الحديثة من فتحة بطاقة MicroSD والاعتماد على التخزين الداخلي فقط، دعونا نوضح الأسباب في هذا المقال.
لسنوات طويلة، وجود فتحة بطاقة MicroSD كان من بين المزايا الأساسية في الهواتف الذكية، إذ تمنح المستخدمين حرية توسيع السعة التخزينية بسهولة وبسعر رخيص نسبيًا، سواء لحفظ الصور أو الفيديوهات أو تثبيت التطبيقات بعد امتلاء سعة التخزين الداخلية والتي عادًة ما كنت محدودة للغاية. لكن من الملاحظ في السنوات الأخيرة أن معظم الشركات المصنعة للهواتف – وهنا نتحدث عن هواتف أندرويد بشكل خاص – بدأت تتخلّى في إصدارات أجهزتها الرائدة الجديدة عن تضمين فتحة بطاقة MicroSD، بل صارت تُطرح بسعات تخزين داخلية أكبر فقط. فما السبب وراء اختفاء دعم بطاقات MicroSD من المشهد؟ إليك أبرز خمسة أسباب تفسر ذلك.
MicroSD

أسباب اختفاء دعم بطاقات MicroSD

الاعتماد على التخزين الداخلي يُحسن الأداء

هذا بالتأكيد هو السبب الأهم وراء تراجع أهمية بطاقات MicroSD في هواتف أندرويد الحديثة: وجود مثل هذه البطاقات قد يقف عقبة أمام سرعة الأداء. الهواتف الحديثة اليوم باتت تعتمد على وحدات تخزين داخلية من نوع UFS (اختصارًا لـ Universal Flash Storage)، وهي تقنية تخزين تضاهي بمراحل التقنيات التي كانت تُستخدم قديمًا مثل eMMC بل يمكن القول أنها تقدم سرعة أداء قريبة من وحدات الـ SSD الخاصة بالحواسيب. كما تسعى الشركات إلى تطوير تقنية UFS بشكل كبير إلى أن وصلنا لإصدار UFS 4.1 الذي يقدم أداء خُرافي على مستويي قراءة البيانات وكتابتها. ولمن لا يعرف، فالمقصود بقراءة البيانات هو سرعة استجابة الهاتف بشكلٍ عام أثناء فتح الملفات والتطبيقات، في حين يُستَخدم مصطلح كتابة البيانات للإشارة لعملية تخزين البيانات ونسخها ولصقها.

في المقابل، نجد أن حتى أفضل بطاقات MicroSD في السوق لا تستطيع مجاراة هذه السرعات التي توفرها وحدات التخزين الداخلية، ما يعني أن التطبيقات تُفتح أسرع والألعاب تُحمّل بسرعة أكبر والفيديوهات تُحفظ فورًا. ومع ارتفاع السعات الداخلية وانخفاض تكلفتها، لم يعد هناك داعٍ فعلي للاعتماد على البطاقة الخارجية.

بمعنى آخر، الذاكرة الداخلية للهواتف الحديثة توفر عادةً سرعة أعلى في الاستجابة ونقل الملفات. فعند نسخ البيانات من مكان إلى آخر داخل الهاتف، تتم العملية بشكل أسرع مقارنةً بالتخزين الخارجي. وهذا قد يحد من كفاءة عمل بعض التطبيقات إذا كانت محفوظة على الـ SD Card. وذلك لاحظنا أنه مع تطور نظام أندرويد، توقفت الإصدارات الأحدث عن السماح بنقل التطبيقات إلى الذاكرة الخارجية تمامًا. كما أن بطاقات microSD تتوفر بسرعات مختلفة، ما يجعل مطوري التطبيقات غير قادرين على افتراض أن جميع المستخدمين يمتلكون بطاقات سريعة الأداء. لذلك، اتجهت الشركات إلى نموذج التخزين الموحد الذي يضمن أداءً ثابتًا وسلسًا بعيدًا عن أي تفاوت.

مشاكل الموثوقية والأمان مع بطاقات MicroSD

تُعاني بطاقات MicroSD من مشاكل الموثوقية في الجودة، فالكثير منها بطيء أو عرضة للتلف بسبب جودة التصنيع الرديئة. هذا التفاوت كان يسبب بطئًا أو أعطالًا أو فقدانًا للبيانات، وغالبًا ما كان المستخدم يلوم الشركة المصنعة للهاتف بدلًا من البطاقة نفسها، والتي ربما قام بشرائها من مصدر مجهول. لذلك، وحتى تتفادي هذه "السمعة السلبية"، فضّلت الشركات المصنعة للهواتف إلغاء دعم بطاقات SD تمامًا والتركيز على التخزين الداخلي الأكثر أمانًا.

وعلى ذكر الأمان، فالجميع يعلم أنه عندما يضيع الهاتف أو يتعرض للسرقة، يكون من السهل نسبيًا حماية الملفات الموجودة بداخله لأن الوصول إلى ذاكرة الهاتف الداخلية يتطلب تفكيك الجهاز وإجراء عملية فنية مُعقدة نسبيًا لنزع الذاكرة عن اللوحة الأم، وهو أمر قد يجعل الهاتف فيما بعد غير صالح للبيع. لذلك تبقى البيانات محمية على الهاتف ومُشفرة برمز PIN قوي أو ببصمة الإصبع، غير أن المستخدم بإمكانه مسح البيانات من الذاكرة عن بُعد إذا لم يعد هناك أمل في استعادته.

في المقابل نجد أن بطاقات MicroSD لا تؤتمن على البيانات ولا توفر الحد الأدنى من الحماية، إذ يمكن إزالتها بنفس سهولة تركيبها في الهاتف، وبالتالي فإن ملفاتك غالبًا ستكون متاحة لأي شخص دون الحاجة لتجاوز أي طبقة أمان. ببساطة يتم نزع البطاقة من الهاتف ووضعها في جهاز آخر لتصبح كل الملفات، بما في ذلك صورك، قابلة للوصول. صحيح أن بعض المستخدمين يدركون هذا الخطر ويحاولون التعامل معه عبر اختيار نوعية الملفات التي يخزنونها على البطاقة، لكن كثيرين لا يعرفون كيف يمكنهم تفادي هذه الثغرة الأمنية بشكل فعّال — والحل النهائي كان التخلص من بطاقات MicroSD تمامًا في الهواتف الحديثة.

تصميم أنحف ومقاومة أفضل للماء

كما يعرف معظمكم على الأرجح، فإن كل منفذ أو فتحة في الهاتف تعني تعقيدًا إضافيًا في التصميم وصعوبة في الوصول إلى مقاومة عالية للماء والغبار. هذا هو سبب التخلي عن منفذ السماعة، والتخلي عن البطاريات القابلة للإزالة، وكذلك التخلي عن دعم بطاقات MicroSD. إذ أن وجود فتحة لهذه البطاقات يتطلب مكونات إضافية وأختامًا تمنع تسرب المياه، مما يزيد من السماكة. ومع التخلص منها، استطاعت الشركات إنتاج هواتف أنحف، أخف وزنًا، وأعلى في تصنيف IP لمقاومة الماء والغبار مع تصميم أكثر بساطة.

تربح الشركات من السعات التخزينية المختلفة

كما أشرنا في المقدمة، كانت بطاقات MicroSD ضرورية لتخزين أكبر قدر ممكن من الملفات، خاصة وأن الهواتف ظلت لعدة سنوات تأتي بسعات داخلية محدودة للغاية. بل ولسنوات طويلة لم يكن هناك سوى 16 جيجابايت كسعة أساسية في كثير من هواتف أندرويد، وهي مساحة كانت تمتلئ بسهولة بمجرد تحميل بعض التطبيقات. لذلك كان شراء بطاقة SD بأكبر سعة ممكنة أمرًا بديهيًا. غير أن المشهد تغيّر مع تطور الهواتف الحديثة التي تأتي بسعة تبدأ من 128 جيجابايت وأحيانًا من 256 جيجابايت، وهناك هواتف آخرى توفر 512 جيجابايت كسعة افتراضية. أما الفئة الأعلى فيمكن توسيع سعتها الداخلية حتى 2 تيرابايت، وهي مساحة تكفي لسنوات من الصور والألعاب والتطبيقات. لذلك فمع هذا التطور، أصبح من النادر أن يحتاج المُستخدم لبطاقات MicroSD.

ومع تراجع الحاجة الفعلية إلى البطاقات، لا يمكن إغفال الجانب التجاري من الأمر؛ فطرح الهواتف بسعات تخزين مختلفة أصبح مصدر دخل مهم للشركات المصنعة. على سبيل المثال، الانتقال من نسخة 128 جيجابايت إلى 512 جيجابايت يكلف المستخدم مبلغًا كبيرًا قد يفوق سعر بطاقة MicroSD بنفس السعة عدة مرات. وبإلغاء دعم بطاقات MicroSD، صار المُستخدم مضطرًا لشراء النسخة الأعلى ثمنًا إذا كان بحاجة لمساحة إضافية.

الأمر لا يتوقف هنا، بل إن هذه الاستراتيجية أصبحت وسيلة لتعزيز قيمة الأجهزة الرائدة. فكلما ارتفعت السعة التخزينية المدمجة، ارتفع معها الانطباع بأن الهاتف "يواكب المستقبل"، ما يمنح الشركات مبررًا لتسعير هواتفها بفارق ملحوظ. وهكذا جمعت الشركات بين تحقيق أرباح أكبر ودفع المستخدم نفسيًا نحو اختيار النسخ الأعلى.

توافر حلول التخزين الرقمية والبدائل الجديدة

بالتأكيد طريقة تعامل المستخدمين مع تخزين الملفات على الهواتف تغيّرت جذريًا، فمع انتشار خدمات التخزين السحابي مثل Google Drive و OneDrive، إلى جانب الاعتماد الواسع على خدمات بث الموسيقى والأفلام والفيديوهات عبر منصات مثل Spotify و Netflix و YouTube، لم يعد من الضروري الاحتفاظ بمكتبة كاملة من الملفات على الجهاز نفسه، بل أصبح التركيز أكبر على التخزين السحابي والخدمات المتصلة بالإنترنت من التخزين المحلي.

في المقابل أيضًا، ظهرت حلول تخزين أكثر تقدمًا من بطاقات MicroSD لتوسيع المساحة التخزينية للهاتف، فهناك معايير مثل USB-C وThunderbolt تتيح اليوم توصيل وحدات SSD خارجية بسرعات عالية ونقل الملفات بكفاءة كبيرة. كما أن المشاركة اللاسلكية عبر الشبكات المحلية، إضافة إلى النسخ الاحتياطي التلقائي إلى السحابة، كلها خيارات حديثة جعلت المستخدم في غنى عن بطاقة SD التقليدية.

ختامًا، قد يرى البعض أن غياب بطاقات MicroSD قلّل من حرية التحكم في سعة التخزين للهواتف، لكن المنطق يميل إلى الاتجاه الآخر: فالذواكر الداخلية اليوم أسرع بمراحل وأكثر كفاءة وتطورًا، كما أن الحلول السحابية متاحة على نطاق واسع، بالإضافة إلى أن توجهات التصميم العصري تسعى دائمًا لتقليل فتحات الهاتف. وبذلك، لم تعد الـ MicroSD أساسية في الهواتف الذكية الحديثة، شئنا أم أبينا.
عبدالرحمن
عبدالرحمن
مدير المحتوى بموقع عالم الكمبيوتر منذُ قرابة 10 سنوات، مدفوعًا بشغفي العميق بالتكنولوجيا الذي أحمله معي في كل مقال ومراجعة.
تعليقات

احدث المقالات