أثارت
شركة جوجل
غضب واستياء ناشري وصُنّاع المحتوى الرقميّ في مصر بعدما كشفت في مطلع شهر أكتوبر
الماضي عن اعتزامها بدءًا من 1 مايو 2025
تحويل الأرباح بالجنيه المصري
بدلًا من الدولار الأمريكيّ
لصانعي المُحتوى
ومسؤولي المواقع الإلكترونيّة المُستفيدين من منصّاتها. جاء هذا القرار ضمن
الاستراتيجيّة الموسّعة
التي انتهجتها الشركة في السنوات الأخيرة، والتي تسعى للتحوّل إلى صرف العائدات
لصُنّاع المحتوى
بالعملات المحلّيّة
في جميع دول العالم، حتّى أنّ بعض صُنّاع المحتوى قد بدؤوا في البحث عن منصّات
بديلة للعمل من خلالها خوفًا من أن تتأثّر قيمة عائداتهم مع اختلاف عُملة الصرف،
فهل يؤثّر هذا القرار بالفعل على قيمة الأرباح والعائدات التي يجنيها صُنّاع
المحتوى في مصر من
منصّات جوجل؟ وما السبب الذي دفع جوجل إلى اتّخاذ هذا القرار؟
دفع أرباح المحتوى بالعملة المحلية
الإعلان عن القرار
كانت البداية في أوائل شهر أكتوبر عام 2024، عندما تلقّى صُنّاع المحتوى
المُقيمين في مصر من مُستخدمي منصّات AdSense و YouTube's AdSense و AdMob و
Google Ads Manager إشعارًا من جوجل يُخطرهم بأنّ الشركة ستقوم بتعطيل حسابات
الدفع بالدولار الأمريكيّ مع بداية شهر أبريل 2025 وستُنشئ للمُستخدمين المُقيمين
في مصر بدلًا من ذلك حسابات دفع جديدة يتمّ الدفع من خلالها بالعُملة المحلّية،
وسوف تبدأ في تحويل أرباحهم بالجنيه المصريّ بدلًا من الدولار الأمريكيّ اعتبارًا
من الأول من مايو 2025، وهو ما يتطلّب من صُنّاع المحتوى في مصر امتلاك حساب
مصرفيّ بالجنيه المصريّ يتمّ ربطه بحساباتهم على منصّات جوجل لضمان سهولة تلقّي
عائداتهم بالعُملة المحلّية.
أسباب القرار
انتهجت شركة جوجل منذ سنوات سياسات التحوّل إلى دفع أرباح صنّاع المُحتوى على
منصّات النشر الرقميّة التابعة لها بالعُملات المحلّية بدلًا من الدولار
الأمريكيّ. لم يقتصر هذا التحوّل على صُنّاع المحتوى المُقيمين في مصر فقط، بل
سبق للشركة تطبيق هذا القرار في 13 دولة حول العالم في كُلّ من المغرب، والإمارات
العربيّة المُتّحدة، والأردن، واليابان، وإندونيسيا، وتشيلي، والمكسيك، وبيرو،
وتركيا وجنوب أفريقيا، والنرويج والسويد ونيوزيلندا، ومن المتوقّع أن تتوسّع
الشركة في هذه السياسات ليتمّ تطبيقها في المزيد من الدول خلال عام 2025.
وأكّدت
الشركة على الرغم من ذلك استمرارها في دعم صُنّاع المُحتوى الرقميّ وناشري
المواقع الإلكترونيّة حول العالم، وعزت ذلك التحوّل في سياسات الدفع الخاصّة بها
إلى رغبتها في دعم الاقتصادات المحلّية وتوطين المدفوعات في الأسواق الناشئة
وتحسين تجربة صُنّاع المحتوى عن طريق تسهيل حصولهم على عائداتهم بمرونة وكفاءة
دون تكبُّد رسوم تحويل العملة ومن خلال حساباتهم في البنوك المحلّية، وهو ما من
شأنه أن يُعزّز البنية التحتية الاقتصادية في مصر ويُشجّع على استخدام المؤسّسات
الماليّة والمصرفيّة المصريّة.
الفئات التي ستتأثّر بالقرار
تؤثّر قرارات جوجل الأخيرة في مصر على صُنّاع المحتوى المرئيّ والمدوّنين ومسؤولي
المواقع الإلكترونيّة الذين يتربّحون من الإعلانات التي تتخلّل محتواهم عن طريق
منصّات AdSense وYouTube AdSense وAdMob وGoogle Ads Manager. تُساهم شركة جوجل
في ضخّ ملايين الدولارات الأمريكيّة سنويًّا إلى السوق المحلّيّة في مصر من خلال
عائدات الإعلانات التي يحظى بها ناشرو وصُنّاع المُحتوى الرقميّ المُشتركين في
خدماتها ويتمّ تضمينها داخل محتوى الفيديو الذي يُشاركونه على قنوات يوتيوب أو
المحتوى المقروء عبر المنصّات التابعة لها مثل بلوجر.
وفقًا لمصادر موثوقة، ففي عام 2021 ساهمت جوجل في
ضخّ ما يُعادل 11.2 مليار جنيها مصريّا إلى السوق المصريّ من خلال عائدات صُنّاع
المحتوى الآخذة في الارتفاع دون شكّ، ولاسيّما بعد أن ازداد عدد قنوات اليوتيوب
التي تُحقّق أرباحًا تتجاوز المليون جنيه مصريّ سنويًّا في مصر في عام 2023
بمقدار النصف.
يدّعي مسؤولو شركة جوجل أنّ عائدات صُنّاع المُحتوى المُستفيدين من منصّاتها لن
تتأثّر بقرار التحوّل إلى دفع الأرباح بالعُملة المحلّية، نظرًا لأنّ قيمة
الأرباح والعائدات على جميع حسابات AdSense وYouTube وAdMob ستظلّ تُحتسب كما هي
بالدولار الأمريكيّ، وسيحصل صُنّاع المحتوى المُشتركون على القيمة المُساوية لها
بالجنيه المصريّ وفقًا لسعر الصرف الرسميّ.
ومع هذا تظلّ لدى صُنّاع المحتوى
مخاوف مشروعة من تناقص قيمة أرباحهم بسبب عدم استقرار سعر صرف الجنيه المصريّ
أمام الدولار، وكذلك سيجد صُنّاع المحتوى أنفسهم في مأزق حقيقيّ، إذ
سيكونوا مُطالبين بدفع الاشتراكات بالدولار نظير الاستفادة من بعض
الخدمات المُساعدة التي توفّرها لهم جوجل مثل خدمات استضافة المواقع وخدمات التخزين السحابيّ قبل أن يكونوا قادرين على تلقّي أرباحهم بالجنيه المصريّ، وهو
ما يضع على عاتقهم وحدهم عبء توفير الدولار لشراء هذه الخدمات ممّا
يُمكن أن يحدّ من توفّر الدولار بصورة رسميّة في البنوك ويُشجّع على
بيعه العُملة الأمريكيّة بأسعار تفوق سعر الصرف الرسميّ في السوق الموازية.
دافعت جوجل عن قرارها، والذي من المُرتقب أن يدخل إلى حيّز التنفيذ في الأول من
مايو 2025، مُؤكّدة أنّ المُعلنين في مصر سيتمكّنون أيضًا من الدفع مُقابل
الإعلانات المُموّلة بالجنيه المصريّ بدلًا من الدولار الأمريكيّ، كما أن الدفع
مُقابل الاستفادة من مُعظم خدماتها في مصر سيكون بالعُملة المحلّية باستثناء
خدمات التخزين السحابيّ الخاصّة بها، والتي سوف يستمرّ شراءها بالدولار الأمريكيّ
باعتبارها كيانًا مُنفصلًا ومُستقلًّا عن الخدمات الأخرى.
من المُبكّر تحديد
نتائج هذا القرار وبيان أثره على الاقتصاد المحلّي، ولكن من المتوقّع أن يحتاج
صُنّاع المحتوى المُستفيدين من خدمات جوجل في مصر لبعض الوقت قبل توفيق أوضاعهم
والتأقلم مع سياسات الدفع الجديدة، والتي ستكشف الأيام القادمة عن مساوئها
وميزاتها بالنسبة لهم.