لماذا تفريغ المساحة يؤدي إلى تحسين أداء هواتف أندرويد؟

يتراجع أداء هاتفك الأندرويد كلما أصبحت السعة التخزينية ممتلئة إلى الحد الأقصى، دعونا نُفسر السبب وراء ذلك بشكل تفصيلي.
على الرغم من تطور أحجام المساحة التخزينية للهواتف الذكية ووصولها لأرقام لم نكن لنحلم بها من قبل – بل ويتجاوز بعضها وحدة "الجيجابايت" أصلًا – إلا أن مشكلة امتلاء سعة التخزين تظل كالشوكة في الحلق وتُفقِد الهاتف جزءًا كبيرًا من قيمته، ليس لأنها تحول دون تحميل المزيد من التطبيقات أو الاحتفاظ بالمزيد من الصور والفيديوهات على الهاتف فحسب، وإنما لأنها تُبطئ من أدائه كذلك! أصبحت المتطلبات التخزينية للتطبيقات الحديثة كبيرة، ونظرًا لتطور كاميرات الهواتف، فحتى الصور والفيديوهات أضحت بحاجة لعشرات "الجيجابايتس" وحدها. ولكن أيًا كان السبب، فعليك أن تجد له حلًا لأنه – مرة أخرى – له تأثير مباشر على أداء هاتفك، ولكن لحظة؛ ما علاقة امتلاء الذاكرة بالأداء؟ هذا ما سنحاول تفسيره بشكل تفصيلي.

سعة التخزين في الهاتف

تأثير سعة التخزين على أداء الهاتف


أولًا: السر في ذاكرة الفلاش!


تستخدم فئة "الفلاجشيب" من هواتف الأندرويد الحديثة نوعًا من "ذاكرة الفلاش" Flash Memory السريعة جدًا – تُشبه تلك الموجودة في وحدات تخزين SSD – والمعروفة باسم "ذاكرة الفلاش الموحدة" UFS (اختصارًا لـ Universal Flash Storage) والتي تُضاهي تقنية eMMC المستخدمة في الهواتف الأقدم. يأتي هذا النوع من بمعمارية تكنولوجية حديثة ألا وهي الـ "3D NAND" والتي تُساهم في نقل البيانات – وتخزينها – بسرعة تصل إلى 2,900 ميجابايت في الثانية.

ملحوظة: ذواكر الفلاش هي شريحة مصنوعة من السيليكون تستخدم عددًا من ترانزستورات البوابة العائمة (FGTs) التي تحتفظ بالبيانات في صورة شحنات الكهربائيّة، بحيث تحتوي كل خليّة على بت واحدة من البيانات تُساوي قيمتها 1 في حالة الخليّة المشحونة، وتساوي قيمتها صفرًا في حالة الخلية غير المشحونة، ومن ثَمّ يُمكنها تخزين البيانات حتّى عندما لا تكون مُتّصلة بمصدر للكهرباء.


يعُد "UFS 4.0" هو أحدث إصدار من "ذاكرات الفلاش الموحدة" الخاصة بالهواتف الذكية، ويأتي بنطاق ترددي يصل إلى 23.2 جيجابايت لكل مسار. وكما أشرنا، يوجد هناك أنواع أخرى من ذاكرة الفلاش مثل الـ "eMMC"، وهو نوعٌ أقل كفاءة من الـ "UFS" ويوجد بالهواتف وأجهزة التابلت والتلفاز القديمة والرخيصة جدًا. ومع ذلك، تعمل جميع أنواع "ذاكرة الفلاش" بنفس الآلية تقريبًا، حيث تتكون من عددٍ من الخلايا التي تُخزن البيانات في صورة "0" أو "1" فيما يُعرَف بـ "نظام البت" أو "النظام الثنائي". يُمثل هذان الرقمان كل البيانات المُخزنة على هواتفنا من تطبيقات وصور وفيديوهات وملفات أخرى.

الخلايا بدورها تكون مُرتبةً في مجموعات (Pages) وكل مجموعة تمتلك مساحة تخزينية تُقدّر بـ 16 كيلوبايت، وهذه المجموعات هي أصغر وحدات يمكن قراءتها أو التعديل عليها. ومثلما تتكون المجموعات من مجموعة من الخلايا، فإن المجموعات بدورها هي جزء من مجموعات "بلوكّات" Blocks أكبر، والبلوك الواحد عادة ما يتكون من 256 مجموعة، والبلوك هو أصغر وحدة يمكن حذفها.

ثانيًا: امتلاء ذاكرة الفلاش يجعلها أبطأ


توجَد بذاكرة الفلاش طبقة من الأوكسيد تُساعد على عملية نقل الإلكترونات أو البيانات. تبلى هذه الطبقة مع الوقت، وبالتحديد مع تكرار دورات القراءة والكتابة (Read/Write Cycles)، وهذا بالتبعية يؤثر على أداء الهاتف وقدراته التخزينية في العموم. جدير بالذكر أن هذا الأمر يحدث مع وحدات تخزين SSD الخاصة بأجهزة الكمبيوتر أيضًا، وقد قمنا بتفسير السبب بشكل تفصيلي في موضوع سابق بعنوان [لماذا لا يجب أن تملئ هارد الـ SSD بالكامل حتي لا يصبح ابطئ؟] نوصي بمراجعته. عمومًا، هناك خوارزميات مُعقدة بذاكرات الفلاش تُقزّم من التأثير السلبي لطبقة الأكسيد، ولكن المشكلة أن امتلاء الذاكرة يُجبر الهاتف على استخدام الطاقة الكاملة لموارده، وهذا يفرض بطء الأداء.


ما يزيد الطين بلة أن التطبيقات المختلفة دائمًا ما تحتاج إلى مساحة إضافية غير مساحتها الفعلية، وذلك لتخزين ملفات مؤقتة تُعرَف بالـ "كاش"، وبالتالي فإن عدم وجود مساحة تخزينية بالهاتف يُضيق الخناق على التطبيقات ويجعلها بالكاد تعمل؛ تطبيقٌ مثل واتساب سيُجبرك على تفريغ بعض المساحة عند امتلاء الذاكرة، وإلا فلن يعمل. ما قد يكون صادمًا بالنسبة للبعض أن أداء الهاتف – تحديدًا أداء قراءة الملفات – سيتأثر حتى مع توفّر بضعة "جيجابايتس"، ويمكنك أن تختبر هذا بنفسك عن طريق استخدام تطبيق مثل CPDT Benchmark. حاول أن تُحمّل التطبيق على هاتفين بمساحتي تخزين مختلفتين، أو حتى على نفس الهاتف قبل وبعض تفريغ المساحة، صوّر الشاشة وقارن بنفسك.

ثالثًا: المساحة الفارغة الآمنة للحفاظ على أداء الهاتف



لن نقول لك بأن تُفرّغ نصف مساحة الهاتف لأن هذه نصيحة غير واقعية، فحتى التطبيقات الأساسية والبسيطة مثل فيسبوك أصبحت تستهلك أكثر من جيجابايت – على الأقل – ألقِ نظرة بنفسك على المساحة التخزينية التي يشغلها تطبيق مثل واتساب – لا تنسى أنه تطبيق مراسلات ولا ينبغي أن يستهلك مساحة كبيرة – ومن الوارد جدًا أن تجده يشغل أكثر من 5 أو 10 جيجابايت، أو حتى أكثر من ذلك.

بناءً على المُعطيات التي نعرفها حول طريقة عمل ذاكرة الفلاش، فإننا ننصحك بتفريغ 10% على الأقل من مساحة الهاتف، حاول ألا تقل النسبة عن الـ 10% بأي حالٍ من الأحوال، بل في الواقع قد تحتاج إلى 15% على الأقل إذا وضعت في الحسبان الملفات والصور الجديدة، والتي لا نعرف من أين ومتى تأتي!

رابعًا: نصائح عامة لتفريغ مساحة الهاتف


إذا كانت ذاكرة هاتفك ممتلئة بالفعل، فلحسن الحظ أن هناك عدة طرق يمكنك من خلالها أن تُفرّغ المساحة بسهولة حتى تحظى بأفضل تجربة ممكنة. بشكلٍ عام: احذف جميع الصور المُكررة، وغير الواضحة، والملفات التي لا تستخدمها بشكلٍ عام. النصيحة الأخيرة بالتحديد في غاية الأهمية، فالكثير منا يترك ملفات كبيرة على هاتفه حتى وإن لم يكن يستخدمها مُوهمًا نفسه أنه سيحتاج إليها في المستقبل.

ضع أيضًا في الاعتبار حل ضغط الملفات كما احرص باستمرار على مسح ذاكرة التطبيقات المؤقتة، والتي قد تصل إلى 500 ميجابايت، وأحيانًا أكثر من ذلك، وأنت غير آبهٍ بها. أخيرًا وليس آخرًا جرّب أن تعتمد على طرق التخزين السحابية أكثر واحتفظ بالصور والفيديوهات المهمة على أقراص تخزين خارجية، بهذا تكون قد ضمنت حفظها احتياطًا وفي نفس الوقت فرّغت مساحة الهاتف. بهذه الممارسات البسيطة يمكنك أن توفر حتى أكثر من 10 جيجابايت، وربما أكثر لو تخليت عن بعض الألعاب والتطبيقات الكبيرة، وإن كان هذا شيء صعب علينا جميعًا لنكون صرحاء.

من الآن فصاعدًا تذكر أن امتلاء مساحة الهاتف لا يعني حرمانك من تحميل ملفات جديدة على هاتفك فحسب، بل أيضًا يؤثر على الأداء نفسه. من المفترض أن تحثك هذه المعلومة على ابتكار طرقٍ فعالة لتفريغ المساحة، وتذكر أيضًا أننا قد نُفوّت على أنفسنا لحظات رائعة لا لشيء إلا لأن ذاكرة الهاتف ممتلئة، فقد تقابل مثلك الأعلى في يوم من الأيام وما أن تهرع لالتقاط صورة معه حتى تُفاجئ بأن الذاكرة ممتلئة!
أحمد صفوت صلاح الدين
أحمد صفوت صلاح الدين
كاتب محتوى تقني وصحفي علمي، لي مساهمات عدة في مواقع عربية مختلفة مثل أراجيك، وإضاءات. أهوى الكتابة عمومًا وأريد أن أصنع فارقًا.
تعليقات

احدث المقالات