قد يرجع سبب بُطء الكمبيوتر إلى ارتفاع درجة حرارة البروسيسور، أو في كون البروسيسور نفسه قديمًا والعمليات التي تحتاج من الكمبيوتر أن يُنفذها ثقيلة، ربما السبب لا يتعلق بالمعالج أساسًا والرامات هي السبب، فكما نعلم جميعًا؛ يؤثر حجم الرامات على سرعة تنفيذ العمليات، وكلما امتلأت، أُثقِلَ كاهل الكمبيوتر وأصبح من الصعب أن يعمل بنفس الكفاءة. عندما كُنا صغارًا، كنا نحاول أن نحل مشكلة الرامات هذه تحديدًا بالبحث عن طرق لزيادة مساحتها، فنكتب على الإنترنت "كيفية زيادة مساحة الرامات" أو "برامج مجانية لزيادة الرامات"، أما اليوم وقد نضجنا، فإننا نتذكر تلك الأيام ونبتسم ونعلم يقينًا أنه ما من شيء كهذا، ولكن ماذا لو أخبرتك أن براءتنا كانت في محلها وأن هناك طريقة لزيادة حجم الرامات — افتراضيًا !
يحتوي نظام ويندوز خاصية "الذاكرة الافتراضية" والتي تعمل على تعويض المعالج بـ «رامات افتراضية» في حال كانت الرامات الحقيقية ممتلئة. يقوم ويندوز بتحديد حجم معين تلقائيًا لهذه الذاكرة ولكن تستطيع التحكم في الحجم بالزيادة أو النقصان في خطوات سهلة إذا كنت تستخدم ويندوز 11. دعونا نستعرض كيف.
زيادة الذاكرة الافتراضية في ويندوز 11
أولًا: ما هي الذاكرة الافتراضية «Virtual Memory»
يُخزن الهارد الموجود بجهازك، سواء أكان SSD أم HDD، جميع الملفات الأساسية من صور وموسيقى وألعاب ومستندات ومقاطع فيديو، إلخ، بشكلٍ دائم على ذاكرته العملاقة التي قد تصل لأكثر من تيرابايت (1000 جيجابايت). والهارد ليس المساحة التخزينية الوحيدة الموجودة على الجهاز، فهناك ذاكرة تخزينية أخرى تتسم بالسرعة المذهلة ألا وهي الرامات، ولكن حجمها – في معظم الحالات – لا يُقارن إطلاقًا بحجم وحدات التخزين الكبيرة، كما أن وظيفة هذه الذاكرة التخزينية البسيطة مُختلفة عن وظيفة الهارد.
تُخزن ذاكرة الرامات الملفات كذلك، ولكن على عكس "الهارد"، فإن نوعية الملفات المُخزّنة تكون غير دائمة وتُستَدعى بشكل سريع. على سبيل المثال، عندما تفتح متصفح جوجل كروم مثلًا وتتركه يعمل في الخلفية بينما تؤدي عملك على برنامج آخر، فإن البيانات التي يستهلكها المُتصفح تكون مُخزنة على مساحة الرامات حتى يتم استدعاؤها بسرعة عند الحاجة، ونفس الشيء ينطبق على أي برنامج أو ملف تفتحه مؤقتًا، وبالطبع كلما زادت الملفات والبرامج المفتوحة، زاد الحِمل على ذاكرة الرامات حتى تمتلئ.
من هنا تأتي أهمية "الذاكرة الافتراضية" Virtual memory وهي تقنية قديمة جدًا وموجودة بالفعل في أغلب أنظمة التشغيل بمسميات مختلفة، فمثلًا تجدها في نظام ويندوز باسم Memory Paging وحتى هواتف أندرويد من الشركات المصنعة الأخرى باسم RAM Expansion وفي هواتف سامسونج باسم "RAM Plus". بغض النظر عن الاسم فإن آلية العمل واحدة وهي: نقل البيانات مؤقتًا من ذاكرة الـ RAM إلى وحدة التخزين الرئيسية إذا كان المقدار المتوفر من ذاكرة RAM محدودًا بحيث يمكن الاحتفاظ بالمزيد من البرامج العاملة في الخلفية في نفس الوقت.
بمعنى آخر، لن تعمل هذه التقنية على زيادة حجم الرام الفعلي للكمبيوتر، فلا تجعله 16 جيجابايت إذا كانت الرامات اصلًا 8 جيجابايت ولكنها ببساطة تساعد ذاكرة الرام على استيعاب أكبر قدر ممكن من البيانات المؤقتة للبرامج دون التسبب في "تهنيج" أو حدوث غلق إجباري لها أثناء عملها في الخلفية، وذلك بحجز مساحة صغيرة من الهارد ومعاملتها على أنها RAM فعلية لكنها ليست كذلك ولهذا سُميت بـ "ذاكرة افتراضية". ولكن نظرًا لأن وحدة التخزين الأساسية – حتى لو كانت من نوع SSD – أبطأ كثيرًا من الرامات، فإن سرعة الجهاز لن تتحسن، بل على العكس، قد يُصبح الجهاز أبطأ، ولكن الفائدة التي ستعود عليك هو أنك ستستطيع فتح المزيد من البرامج والملفات؛ إلى حدٍ مُعين.
ثانيًا: ما هو الحجم المُوصى به للذاكرة الافتراضية؟
للذاكرة الافتراضية حدٌ معين، وإذا عَصَرتها واستنفدت أقصاها – يكون ذلك بعد استهلاك كل مساحة الرامات – فسيعرض ويندوز 11 رسالة خطأ مفادها: الجهاز بطيء بسبب امتلاء الذاكرة الافتراضية، لقد وصلت إلى أقصاها وإن محاولة تشغيل أي تطبيقات إضافية قد تبوء بالفشل.
يدير ويندوز 11 الذاكرة الافتراضية تلقائيًا، ولكن كما أشرنا ستستطيع التحكم في حجم هذه الذاكرة بنفسك. يُهيئ الويندوز ملف الـ "Paging file" اعتمادًا على حجم الرامات، ويتراوح حجم الملف المذكور (الذاكرة الافتراضية) بين 1.5 إلى 3 مرات حجم ذاكرة الرامات الفعلية، وفقًا لمايكروسوفت، فإذا كانت مساحة الرامات خاصتك 8 جيجابايت مثلًا، فإن أقل حجم يمكن الوصول إليه بزيادة حجم الذاكرة الافتراضية هو 12288 جيجابايت (1024 ميجابايت [1 جيجابايت] ضرب 8 [حجم الرامات] ضرب 1.5 [أقل حجم ممكن للذاكرة الافتراضية])، في حين أن الحجم الأقصى سيكون 24576 (1024 ميجابايت ضرب 8 ضرب 3 [أقصى حجم ممكن للذاكرة الافتراضية]).
هذا يعني أن أقل مساحة تخزينية للرامات بعد زيادة حجم الذاكرة الافتراضية ستتخطى الـ 12 جيجابايت، في حين أن أقصى مساحة ستتخطى الـ 24 جيجابايت (في حال ما إذا كان حجم الرامات 8 جيجابايت)؛ مرة أخرى لا يعني هذا زيادة سرعة الكمبيوتر، وإنما إمكانية فتح المزيد من البرامج والتطبيقات – سنذكركم بهذه المعلومة مرة أخرى لأهميتها –. تُوصي مايكروسوفت من يريد زيادة حجم الذاكرة الافتراضية بأن يكون حجم الرامات أكبر من حجم الذاكرة الافتراضية بـ 3 أو 4 أضعاف لأن ذلك سيساعد على استقرار النظام. ومع ذلك، من الأفضل أن تجعل جهازك يُقرر الرقم بنفسه، ولا تنسى أن هذه المساحة ستُخصَم من إجمالي مساحة الهارد.
ثالثًا: التحكم في مساحة الذاكرة الافتراضية على ويندوز 11
إذا أردت زيادة حجم الذاكرة الافتراضية يدويًا على ويندوز 11 لئلا تواجه رسالة الخطأ المذكورة بالأعلى عندما تفتح المزيد من البرامج والتطبيقات على الجهاز، فبإمكانك أن تفعل ذلك بسهولة شديدة؛ افتح نافذة Run بالضغط على مفتاحي Win + حرف R (قـ) معًا على الكيبورد، ثم أكتب الأمر [sysdm.cpl] واضغط Enter. عندما تظهر نافذة System Properties انتقل إلى قسم "Advanced" وأسفل جزئية Performance اضغط على زر Settings لتنبثق نافذة أخرى. توجه إلى قسم Advanced وبأسفل "Virtual memory" اضغط على "Change" وأزل علامة الصح (✔️) الموجودة بجوار "…Automatically manage paging file" حتى تُعين القيمة اليدوية، وبعد الانتهاء، اضغط "OK".
لا تنسى أن زيادة حجم الذاكرة الافتراضية أكثر من اللازم يُعرض استقرار جهازك للخطر، ولذلك يُنصَح دائمًا بترك أمر الـ "Paging file" للويندوز حتى يتعامل معه بنفسه، ولكن إذا كُنت مُصرًا على تعديله يدويًا، اتبع توصيات مايكروسوفت حتى لا تضر جهازك.
رابعًا: زيادة مساحة الرامات الفعلية لتحسين الأداء
لِما لهذا الأمر من أهمية، نود التنويه عليه للمرة الأخيرة: إن حل زيادة مساحة الذاكرة الافتراضية هو حل مؤقت لا يُمكن الاعتماد عليه لفترة طويلة، كما أنه لا يزيد من سرعة أو أداء الجهاز، وإنما من حجم استيعاب المزيد من البرامج والتطبيقات فحسب. لكي تُحسن من أداء الجهاز فعلًا، عليك بحلٍ يزيد من مساحة الذاكرة الافتراضية بشكلٍ دائم، وهذا الحل هو زيادة مساحة الرامات نفسها.
لحسن الحظ أن تغيير الرامات هو أمر سهل للغاية، لا سيّما إن كنا نتحدث عن الحواسيب المكتبية. لعل العيب الوحيد في هذا الأمر أنه سيكلفك بعض المال، وهناك مشكلة أخرى قد تواجهك وهي عدم وجود منافذ إضافية للرامات، في هذه الحالة سيتعين عليك التخلي عن قطع الرامات القديمة أو بيعها وشراء أخرى مكانها عوضًا عن الاستفادة بكليهما.