الطريقة الصحيحة للمقارنة بين معالجات الكمبيوتر



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


لا شك أن أهم قطعة من مكونات أي كمبيوتر هي المعالج المركزي "البروسيسور" أو الـ CPU. يُشار إلى قطعة الهاردوير هذه على أنها «عقل الكمبيوتر» لِما تقوم به من معالجة كل العمليات التي تتم حاسوبيًا تقريبًا. وكنتيجة طبيعية لهذا الأمر، يتأنّى مُعظمنا عندما يُقبل على شراء كمبيوتر جديد بسبب كثرة أنواع المعالجات بين القطبين Intel و AMD، فجميعنا نود اقتناء أفضل شيء ممكن وفق الميزانية. من هذا المنطلق تُعقَد المقارنات بين هذا المعالج وذاك، البعض يُفضل معالجًا على آخر بناءً على السرعة فقط، بينما يعتقد البعض أن عدد الأنوية هو العامل الرئيسي. الحقيقة أعم وأشمل من ذلك بكثير، وللمقارنة بين المعالجات عليك بمعرفة بعض العوامل التي نلقي الضوء عليها عبر سطور هذا المقال.

مقارنة معالجات الكمبيوتر

كيفية مقارنة معالجات الكمبيوتر


أولًا: تردد المعالج ليس كل شيء


عندما يتم الترويج لأي بروسيسور، فإن الشركات المُصنعة تُصَدّر سرعة المعالج – التي تُقاس بوحدة الهرتز؛ مثل 4.25 جيجاهرتز – وعدد أنويته – مزدوج النواة (Dual-Core) أو رباعي النواة (Quad-Core) أو سُداسي النواة (Hexa-Core) أو حتى ثُماني النواة (Octa-Core) – في الواجهة. ولربما كان العامل الأساسي للحُكم على كفاءة المعالجات هو سرعته وعدد أنويته فعلًا، ولكن في الماضي.


اليوم، لم يعد الحكم على كفاءة البروسيسور يقتصر على هذين العاملين فقط، وذلك يرجع في المقام الأول إلى تطور تكنولوجيا صناعة المعالجات؛ هناك العديد من عوامل الحسم الأخرى التي إذا أردنا حصرهم في شيء واحد فسيكون القدرة الحوسبية للمعالج عندما تجتمع كل مكوناته للقيام بدورةِ معالجةٍ "Clock Cycle" واحدة. بمعنى: إذا كان لدينا معالجان، "معالج أ" و"معالج ب"، الأول يستطيع تنفيذ "المهمة س" في دورتيّ معالجة في حين أن الثاني يستطيع تنفيذ نفس المهمة في دورة واحدة فقط، فعلى الأرجح أن الثاني سيكون الأفضل حتى لو امتاز الأول بسرعة "Clock Speed" أكبر.

ملحوظة: دورة معالجة يُقصد به وحدة قياس الوقت في المعالجات، أو الفترة الزمنية التي يستغرقها البروسيسور لإكمال دورة واحدة من العمليات، بحيث تعتمد المعالجات على إشارة الساعة لمزامنة عملياتها الداخلية. على سبيل المثال، إذا كانت سرعة المعالج 3.5 جيجاهرتز، فهذا يعني أن هذا المعالج يمكنه إكمال 3.5 مليار دورة في الثانية الواحدة. وإن كانت كل عملية تستغرق دورة واحدة لإكمالها، فهذا يعني أن المعالج يمكنه تنفيذ 3.5 مليار عملية في الثانية الواحدة. في الواقع، لا يتعامل المعالج مع العمليات الحاسوبية بهذه البساطة. فهناك العديد من العمليات التي يمكن أن تتم في نفس الدورة، كما أن هناك العديد من العمليات لا تحتاج حتى دورة واحدة كاملة. ومع ذلك، فإن دورة المعالجة هي وحدة قياس مهمة لفهم كيفية عمل المعالجات.

الشاهد أن سرعة المعالج وعدد أنويته لا يجب أن يكونا العاملان الوحيدان للحكم على كفاءة المعالج، فلا تُخدَع بهذا. ومع ذلك هناك حالة واحدة يكون الاحتكام فيها إلى سرعة المعالج فقط أمرًا مقبولًا، وهي عند المقارنة بين معالجين من نفس العائلة ونفس العدد من الأنوية. على سبيل المثال: معالجيّ Core i5 بنواتين من الجيل السادس؛ من البديهي أن يكون الأفضل بينهما من يمتاز بتردد أعلى.


في حالة أي سيناريو آخر، مثل المقارنة بين Core i3 و Core i5 وحتى Core i7 أو Core i5 وCore i7 و Core i9، فليس شرطًا أن يكون الأفضل من يمتلك عدد أنوية وسرعة أكبر، هذا ونحن نتحدث عن معالجات من نفس الشركة (إنتل)، فما بالك إذا كانت المقارنة بين معالجات إنتل وAMD !

ثانيًا: كيف يُبلي المعالج مع البرامج أحادية المسار؟



الحقيقة التي يتغاضى الكثيرون عنها أن شراءك لمعالج بأربع أنوية مثلًا، لا يعني أن كل هذه الأنوية سيتم توظيفها عند أداء مهمة ما، فمعظم البرامج اليوم هي برامج "أحادية المسار" Single-threaded وهذا يعني أن كل عملياتها تكون عبارة عن كتلة واحدة أو بالنسبة للمعالج مهمة واحدة ضخمة، وبما أن المهمة الواحدة لا تعمل سوى على نواة واحدة، فهذا يعني أن إمكانيات المعالج رباعي النواة ستنحصر في نواة واحدة فقط عند تشغيل هذا البرنامج أو المهمة "أحادية المسار".

كيف يمكن لهذه المعلومة أن تفيدك عند تقييم جودة المعالج؟ حسنًا، قبل شراء معالج جديد عليك بالتحقق من أداءه عند التعامل مع المهام أحادية المسار، لا سيما وأن بعض الشركات لا تُدلي بهذه المعلومة صراحةً، ولكن السؤال هنا: كيف تُجري هذا الفحص؟ يكمن الجواب في برامج وأدوات الطرف الثالث الموثوقة، مثل PassMark؛ والذي يعرض لك مقارنة مفصلة بين المعالجات على اختلاف أنواعها بضغطة زر واحدة؛ ما عليك سوى الدخول إلى موقع الأداة والبحث عن اسم المعالج ثم النظر إلى خانة "Single Thread Rating" ومقارنته مع القيمة التي تظهر في نفس الخانة بالنسبة للمعالج الثاني.

ثالثًا: التحقق من أداء الكاش" Cache



قد يعتقد الكثيرون أن مهمة استعادة العمليات بسرعة مُوكَّلة للرامات فحسب، إذ تُخزّن الرامات العمليات النشطة على جهازك – طالما كان مفتوحًا – في ذاكرتها المؤقتة حتى تستطيع استدعاءها بدون انتظار ثانية واحدة. هذا صحيحٌ فعلًا، ولكن هل تعلم أن هذه الوظيفة من مهام المعالج أيضًا؟ فالبروسيسور يمتلك ذاكرة وصول/تخزين عشوائية "Cache" مثل الرامات ولكن خاصة بالمهام التي يؤديها فقط، بحيث يُخزن عليها كل العمليات التي يحتاجها بشكل متكرر، ليتم استدعاءها بسرعة عند الحاجة إليها بدلاً من إجرائها من الصفر مرة ثانية.

يتكون الكاش عادة من عدة مستويات، كل مستوى أصغر حجمًا من المستوى السابق ولكنه أسرع في الوصول إليه. المستوى الأول من الكاش (L1) هو أسرع مستوى. المستوى الثاني من الكاش (L2) أبطأ قليلاً من المستوى الأول، ولكنه أكبر حجمًا. المستوى الثالث من الكاش (L3) هو أبطأ قليلاً من المستوى الثاني، ولكنه أكبر حجمًا أيضًا. عمومًا إذا كانت مساحة الـ "Cache" الخاصة بالمعالج متواضعة، فهذا قد يكون سببًا رئيسيًا في بُطء الحاسوب على المدى البعيد. لهذا عليك دائمًا بالتحقق من هذه المعلومة أيضًا عند إقبالك على شراء معالج جديد، فكلما كانت مساحة الكاش أكبر كلما كان ذلك أفضل.

رابعًا: التحقق من أداء كارت الشاشة المُدمَج



من أهم الأشياء التي يجب مراعاتها عند شراء معالج جديد هو كارت الشاشة المُدمَج بها. نعم، معظم المعالجات الحديثة تأتي بكروت شاشة مُدمجة/داخلية (باستثناء عائلة F من معالجات إنتل) بل وقوية كفاية لتفي بأغراض الاستخدام المتوسط أو حتى فوق المتوسط للأعمال الرسومية التي تتطلب كارت شاشة خارجي. بالمناسبة، تُعرَف المعالجات ذات كروت الشاشة المُدمجة بالـ "APU".

بالطبع تختلف معالجات البروسيسور الرسومية حسب البروسيسور نفسه. وعند مقارنة القدرات الرسومية (كارت الشاشة المدمج) لأكثر من معالج، فلا يُهم مَن هي الشركة المُصنعة هنا، فسواء أكنت تُقارن معالجين من شركتين مختلفتين أو من نفس الشركة، بل وحتى من نفس العائلة، فالأمور لا تُحسم هكذا، بل تُحسَم بمقارنة كروت الشاشة الداخلية نفسها، سواء أكانت Intel Iris أم Intel Iris Pro أم الأقل Intel HD من إنتل ومع ذلك في بعض الحالات تتفوق شريحة HD على Iris. للخروج من هذه الحيرة، قم بمقارنة كروت الشاشة الداخلية الخاصة بالمعالجات، تستطيع أن تستشير خبيرًا أو تستخدم أداة طرف ثالث مثل 3DMark (من تطوير شركة Futuremark)؛ هذه الأداة تُعد أحد أفضل أدوات "البينشمارك" على الإطلاق، ناهيك أنها مجانية وتعمل على الويندوز.

خامسًا: ما هي أسهل طريقة للمقارنة بين المعالجات؟



نظرًا لكثرة العوامل المُتطلَّبة للحكم على كفاءة المعالجات، قد يكون من الصعب، خصوصًا على عامة المستخدمين أن يضعوا كل هذه الأمور في الحُسبان عند المقارنة بين أكثر من بروسيسور، لهذا إليكم طريقةً شاملة.

إن أسهل وأفضل طريقة لعقد مقارنة سريعة، ووافية، بين المعالجات هي استخدام موقع متخصص في مقارنة مواصفات المعالجات مثل UserBenchmark أو NanoReview أو Versus فهي مواقع رائعة وفعالة ستحسم لك الأمر في دقائق معدودة. كل ما عليك فعله هو الدخول إلى الموقع واختيار طرفي المقارنة لتحصل على القول الفصل. بعض هذه المواقع تزودك أيضًا بتقييم نهائي مُفسّرًا سبب تفضيل معالجٍ على الآخر. أي شخص يستطيع أن يستخدم هذه المواقع ويستفيد منها قبل الإقبال على شراء معالج أو كمبيوتر جديد، حتى لو لم يكن يعرف ما وظيفة المعالج أساسًا، فمعيار أفضلية معالج على الآخر هو التقييم النهائي فحسب.

من الأفضل أيضًا إجراء بحث سريع على الإنترنت تذكر فيه مقارنة بين المعالجين، سترشدك النتائج إلى اختبارات "البنشمارك" التي قام آخرون بإجرائها مثل PassMark و PCMark و CompuBench وGeekBench و SkyDriver وغيرهم، لتحصل في النهاية على فكرة شاملة قد تُعلي كفة معالج على آخر. الجدير بالذكر أن نفس المواقع المذكورة تُستَخدم أيضًا للمقارنة بين كروت الشاشة الداخلية وتخبرك بالأفضل.

الخلاصة: عند المقارنة بين أكثر من معالج، من المهم جدًا أن تنظر للصورة الكلية، فالأمر لا يعتمد على السرعة وعدد الأنوية فقط كما رأينا. يمكننا أن نقول إن أمامك خياران؛ إما مقارنة كل عنصر على حدة بشكل يدوي، أو ترك الأمر بالكامل لموقع أو أداة طرف ثالث.

تعليقات