هل مات التلفزيون بسبب الإنترنت بالنسبة لك ؟



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


جلست بالأمس مع مجموعة من الأصدقاء وتحدثنا "تقريباً" عن كل شيء، بدءاً من طهو الطعام وحتى الإنترنت الفضائي وفوز شركة WE بجائزة أفضل مزود إنترنت في شمال إفريقيا – الذي يشبه فوز فريق متحدي الإعاقة في فيلم أمير الظلام — مع كامل احترامي للمكفوفين. لكن أحد الأصدقاء بادر بسؤال كان مفاجئاً بالنسبة لي، وهو: "هل شاهدت الأخبار، هل رأيت مذيع برنامج ... ؟" بالنسبة لي، لم أجد إجابة لدي سوى مراقبة حديثهم والاستماع لما يدور بينهم من جدال ونقاش حول الموضوع المفتوح. عندما انتهينا، أدركت بيني وبين نفسي أنني نادراً فعلاً ما أشاهد الأخبار أو أراقب الأحداث الهامة على التلفزيون مثل بقية أصدقائي. الإنترنت، سلبني حياتي خلال السنوات الماضية. ولكن على الأقل، لدي سبب منطقي لذلك. 

كل شيء أصبح أمامي على الإنترنت، أستطيع إيجاد الشيء الذي أريده على وجه التحديد، لست مُقيد أو مرغوم بمشاهدة أي محتوى سخيف أو مزعج ولن أتحمله لمجرد أنني أنتظر موعد عرض هذا البرنامج أو هذا الحدث. فلقد وجدت ملاذي الآمن، الإنترنت. لكن هل هذا يعني أن التلفاز في طريقه للموت ؟ ربما الإجابة على هذا السؤال تحتاج للنقاش. بالنسبة لي، لا أستطيع الجزم بأن التلفزيون "مات" ولم يعد له قيمة، على الرغم أنني متأكد تماماً أنه يحتاج أحياناً للإبادة الشاملة والتغيير الجذري. ولكن، تعالوا بنا لنرى بأنفسنا من منهما تفوق على الآخر. 


الدعاية والإعلان


كابوس، المشكلة الكئيبة التي نسيمها الدعاية والإعلان، أحياناً أشعر أن الهدف الوحيد من وجود شاشة التلفاز أمامي هو أنني مُضطر على رؤية الإعلانات كل عدة دقائق حتى استمتع بمشاهدة فيلمي أو مسلسلي المفضل أو لسماع برنامج ما. لحسن الحظ، هناك قله من الناس الذين لا يجدون أي مشكلة في الأمر، فإذا سألتهم عن رأيهم، ستسمع الإجابة المعتادة بأن "الأمر طبيعي". أما بالنسبة للإنترنت والهاتف الذكي، فالأمر مختلف نوعاً ما، على الرغم أنه مصاب أيضاً بنفس المرض، ولكن ليس بنفس مستوى الحدة. إذ يمكنك تعطيل الإعلانات دائماً والامتناع عن النقر على الإعلانات المنبثقة والتركيز مباشرة على المحتوى. في الحقيقة، أنت تستطيع تثبيت مانع إعلانات للتخلص من رؤيتها تماماً. وفوق كل هذا، تستطيع تنزيل أفلامك ومقاطع الفيديو وعروضك المفضلة كاملة دون أي إعلانات، وستشاهدها فيما بعد بدون اتصال الإنترنت– مما يعني أنك لست مقيد أو مرتبط بميعاد محدد لمشاهدة ما تفضله. 

تنوع المحتوى


الإنترنت أفضل كثيراً من التلفاز عندما يتعلق الأمر بتنوع المحتوى وكثرة المواضيع المختلفة المتاحة. ضف على ذلك حقيقة أن الوصول إلى هذا المحتوى أسرع كثيراً وقد لا تتطلب المزيد والمزيد من الاشتراكات الشهرية المدفوعة في القنوات التي تمثل أهمية أكبر. في الوقت نفسه لا توجد قيود على اللغة التي تفضل سماعها، يمكنك البحث عن المحتوى باللغة التي تفضلها وهناك تنوع في المواضيع و المحتوى بشكل (تقريباً) لا نهائي. هل تعلم أنك قادر على مشاهدة القنوات المشفرة والمميزة مجاناً على هاتفك. أيضاً هناك قيود أثناء مشاهدة التلفاز مثل التصنيف العمري وتقسيم محتوى البث حسب الاهتمام والميول، وستجد أن هناك أشخاص كثيرين لا يفضلون ذكر هذه التفاصيل حول المحتوى الذي يفضلون مشاهدته. 

الشعبية والشهرة




على مدار العقد الماضي وتحديداً نصفه الثاني، نادراً ما تجد شباب في العشرين من عمرهم يشاهدون التلفزيون، فأغلبهم يفضل بث الوسائط عبر الإنترنت ويوتيوب، ويشاهد مبارياته المنتظرة عبر IPTV. أصبح التلفزيون محاصر بحقيقة انحدار نصيبه في حصة مشاهديه، علاوة على ذلك، منشئي المحتوى على الإنترنت غالباً ما يضعون كامل تركيزهم على فئة الشباب، ويحاولون إشراكهم بكل السبل الممكنة في موادهم الإعلامية بتنسيقات عصرية وعناوين بارزة ومفهومة ومحتوى ذكي وثمين وسريع الانتشار. 

وبما أن لديك القدرة دائماً على الوصول إلى المحتوى بسرعة شديدة من خلال اتصال الشبكة الخلوية (بيانات الهاتف) أو من خلال الاتصال اللاسلكي (الواي فاي) فما سيكون الداعي من المكوث طوال اليوم في المنزل ؟. يتطور الإنترنت بشكل غير مسبوق، وينافس بجدية وشراسة. ولكن بدون شك، التلفزيون لن يستسلم بهذه السهولة، خاصة أن لديه العديد من الأوراق الرابحة التي يستمر في استخدامها. 

العادات والتقاليد


أغلب الأشخاص من مختلف الوظائف المهنية وضمن جميع شرائح طبقات المجتمع يجدون أن الحياة التلفزيونية مألوفة أكثر على المجتمع الأسري، وهذه العادات هي ما شكلت ثقافة وتقاليد وسلوكيات الجيل الأكبر سناً، وبالنسبة إليهم، فإن التلفزيون هو الأداة أو الجهاز المناسب للحياة والعمل أيضاً. كما أن هناك مقولة شهيرة تقول: "بدون تلفزيون فلن تعرف سبب وجودك في الحياة"، وهي مقولة غربية متأصلة شكلت طقوس العالم الغربي، وهذا ما يجعل التلفزيون قادر بسهولة على تحقيق الربح من وراء جمهوره الأصيل. 

منصة دعائية وإعلانية رائدة




بغض النظر عن تطور الدعاية والإعلان على الإنترنت، إلا أنني ألاحظ دوماً بأن التلفزيون قادر على الإبداع بشكل افضل، وإيجاد وابتكار نوع فني جديد لمحتوى الإعلان، وهذا بالتأكيد راجع لحقيقة "التكاليف" التي تدير وتُنفق على حياته الإعلانية. وعندما يكون هناك جمهور مستهدف ومحتوى مطلوب وعدد من المشاهدين، ستجد أمامك مباشرة تلك الابتكارات الفنية بشكل أو بآخر – وستنجذب نحوها أيضاً حتى وإن كنت تفضل الإنترنت.

الشاشة الكبيرة = مشاهدة مريحة


مرة ثانية سيتفوق التلفزيون لأنه الأكثر ملائمة لمشاهدة ممتعة ومريحة. وعلى الرغم أن هناك أنظمة كثيرة بخلاف التلفزيون، إلا أن ميزة شاشته الكبيرة قادرة على توصيل كم أكبر من المعلومات لذهن المشاهد. وستجد أن هناك بالفعل العديد من الأشخاص ممن هم غير قادرين على الاستمتاع بمشاهدة المحتوى على الإنترنت بسبب حجم شاشات هواتفهم الذكية، ضف على ذلك دقة العرض والجودة التي تكون أقل أحياناً في الهاتف.

التطور والتحسين المستمر


الإنترنت دائماً متطور، وتطور تكنولوجيا الاتصالات ليست ملحوظة، فأنت تتعامل دائماً مع الحديث كل يوم وستنسى كيف كان شكله بالأمس. من ناحية أخرى، بدأنا نتعامل مع تلفزيون ذو السُمك النحيف، بدون إطار، المنحني، الدقة الأعلى ووضوح التفاصيل والإشارة الأقوى، ضف على ذلك إمكانية التلفزيون الذكي في القدرة على الوصول إلى محتوى الإنترنت والعديد من خدمات وتطبيقات الويب المجانية والمدفوعة. هذا التطور الغير مسبوق في عالم التلفزيون جذب انتباه المستهلك المعتاد عليه، واستطاعت الشركات أن تجد الوسائل المناسبة لإقناعه بذلك، وما هي أهمية امتلاك الفرد في نظامه البيئي على تلفزيون حديث.

المستقبل




في رأيي الشخصي أن المحتوى الفريد هو ما يفصل الإنترنت عن التلفزيون. من سخرية القدر، رغم منافسة بعضهما البعض، إلا أنك ستواجه بعض الإعلانات على الإنترنت التي تدفعك لمشاهدة أو متابعة بعض العروض والأحداث الكبرى على شاشة التلفزيون، وأحياناً العكس صحيح ايضاً. هناك عوامل أخرى تفصل كلا العالمين عن بعضهما البعض: فالإنترنت أكثر نشاطاً وحركة ويمتاز بروح معاصرة، بينما الآخر عبارة عن شيء أو عنصر عالمي ومألوف للجميع. بالطبع من السابق لأوانه الحديث عن خفقان ضوء التلفزيون في الوقت الحالي، فالجميع يختار بناءاً على احتياجاته. كما أن التلفزيون يشكل امبراطورية وقلعة محصنة من الصعب اختراقها بسهولة. ولكن في يوم من الأيام، سينهار البث التلفزيوني، وسيسيطر الإنترنت على سائر وسائل العرض المرئي، الموضوع ما هو إلا مسألة وقت.

تعليقات