أطلقت مايكروسوفت في مطلع الشهر الجاري
تحديث ويندوز 11 السنوي
أو كما يُعرف باسم
24H2 Update
والذي يقدم بعض المميزات الجديدة لملايين الأجهزة حول العالم، مع تركيز واضح
على أجهزة +Copilot
بشكل خاص والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وبالرغم من اختبار مايكروسوفت هذا
التحديث قبل عدة أشهر من طرحه رسميًا وذلك عبر إصدارات تجريبية تصل للمشتركين في
برنامج Windows Insider
بحيث تضمن الشركة استقرار النظام على أكبر قدر ممكن من الأجهزة، إلا انه وبمجرد
صدور التحديث أصبحت وسائل الإعلام التقنية لا تكف عن نشر تقارير متتالية حول
المشكلات المزعومة المرتبطة بهذا التحديث، وبشكل ما تحولت مشاكل ويندوز 11 إلى
موضوع رئيسي يتصدر العناوين في معظم الأوساط التقنية. لكن وسط هذه العاصفة من
الانتقادات، يبرز سؤال مهم: هل الوضع بهذا السوء حقًا؟ وهل المشاكل
المنتشرة تطغى على تجارب المستخدمين بالفعل أم أننا نشهد حالة تضخيم إعلامي
لا أكثر!
تحديث 24H2 بين الواقع والتهويل الإعلامي
مشاكل 24H2 ليست استثنائية
اعتدنا مع كل طرح تقوم به مايكروسوفت لتحديثات ويندوز الرئيسية أن نشاهد تغطية
كبيرة في الأوساط التقنية، فهناك من يتناول خبر إطلاق التحديث وكفى، وآخرون
يتحدثون عن المميزات وخلافه. هذا هو الحال مع جميع تحديثات ويندوز السابقة بما
فيها تحديثات ويندوز 10 عندما كان النظام في عز مجده! لكن هذه المرة، مع
تحديث 24H2، يبدو السرد مكثفًا بشكل خاص، حيث هيمنت على العناوين الرئيسية
في وسائل الإعلام التقنية تقارير عن مشاكل التحديث تصوره وكأنه يمثل تهديدًا
لاستقرار ملايين الأجهزة العاملة بنظام ويندوز 11. بالطبع لا يمكن إنكار وجود
مشاكل في الإصدار الجديد، فنحن نتحدث عن نظام ويندوز بأي حال، لكن الواقع
يبدو مغاير مما توحي به العناوين الرئيسية المثيرة للقلق.
وفقًا
للصفحة الرسمية
لرصد المشاكل والإشعارات لإصدار 24H2 فإن مايكروسوفت تعترف بوجود 11 مشكلة مؤكدة في هذا الإصدار، وهناك مشاكل أخرى بالطبع، لكنها ليست مؤثرة إطلاقًا على
تجربة الاستخدام كما تصور التقارير التقنية المثيرة. وفقًا لتجربتنا
الخاصة وعلى أكثر من جهاز كمبيوتر، فمنذُ إطلاق ويندوز 11 ومع كل التحديثات التي
تلقاها، لم أواجه أي مشكلات جوهرية، باستثناء مشكلة "التخزين المؤقت الوهمي" التي
أثارت جدلاً مؤخرًا مع هذا التحديث وهي مشكلة تظهر عند استخدام أداة Disk
Cleanup
لحذف الملفات المؤقتة بعد التحديث، إذ تقوم الأداة بالتخلص من الملفات فعلًا لكن تظل تعرض حذف نفس الملفات
المؤقتة مرة أخرى وكأنها لم تفعل شيئًا — ظاهريًا.
هل يعني هذا أن ويندوز 11 مثالي؟ سواء قبل أو بعد 24H2 فالإجابة قطعًا لا. كأي
نظام تشغيل، هناك دائمًا مجال للتحسين والتطوير. ولكن من واقع تجربتي الشخصية،
لم أصادف أي مشكلة "عويصة" تمنعني من التعامل مع النظام بشكل يومي. لم أواجه
شاشة زرقاء، ولم تنهار البرامج بشكل عشوائي، ولم ألحظ أي تباطؤ غير معتاد في
الأداء. وهذا على الرغم من استخدامي لتشكيلة متنوعة من الأجهزة، كل منها
بمواصفاته وخصائصه المختلفة.
تحديث 24H2 والتضخيم الإعلامي
عند متابعة التغطية الإعلامية على طرح مايكروسوفت تحديث 24H2، قد يتولد انطباع
بأن كل مستخدم لويندوز 11 محكوم عليه بمواجهة سلسلة لا تنتهي من المشكلات
الضخمة التي ستعوق استخدامه للكمبيوتر. وهو أمر مثير للقلق بلا شك، لكن عند
التدقيق والتمحيص، يتضح أن معظم هذه المشكلات تقتصر على فئة محدودة من
المستخدمين، وغالبًا ما تحدث في ظروف خاصة ومحددة للغاية.
مرة أخرى، لا ننكر وجود مشاكل وأخطاء في التحديث الجديد، حتى مايكروسوفت تعترف
بذلك اصلًا وتتخذ إجراءات سريعة لمعالجتها. ولكن السؤال الأهم: هل يواجه معظم
المستخدمين مشاكل مع كل تحديث؟ الإجابة على الأرجح هي لا. تميل وسائل الإعلام
إلى التركيز على مثل هذه الأخبار لأنها تجذب القراء وتزيد نسب المشاهدة.
فالعناوين المثيرة تجذب الانتباه وتولد معدل زيارات أعلى للمواقع. لكن هناك فرق
كبير بين القول بأن "بعض المستخدمين يواجهون مشكلة معينة" والقول بأن "الجميع
يواجه هذه المشكلة". وللأسف، كثيرًا ما يضيع هذا الفرق الدقيق وسط العناوين
الرئيسية المثيرة.
لذا، من الضروري تذكر أن كل نظام تشغيل له عيوبه، لكن المبالغة في تضخيم
المشكلات قد تؤدي إلى تصور خاطئ بأن ويندوز 11 لم يعد صالح للاستخدام. وهذا
يتناقض مع واقع التجربة اليومية للكثير من الأشخاص الذين يتعاملون مع النظام
بكفاءة سواء في العمل أو حتى ممارسة الألعاب دون مواجهة مشكلات "ضخمة" تُذكر.
فالتجربة الحقيقية للمستخدمين في مختلف أنحاء العالم تظل المقياس الأدق لتقييم
أداء النظام.
في النهاية، ويندوز 11 يظل نظام جيد، على الأقل بالنسبة للأجهزة التي تفي
بمتطلباته، فلا تتردد في الترقية إلى نسخة 24H2 متى أتُيحت الفرصة. ولكن
تبقى دعوة مفتوحة لمشاركتنا في التعليقات تجربتكم الشخصية مع ويندوز 11 سواء
كانت إيجابية أم سلبية، للوصول إلى فهم أعمق وأشمل لحقيقة هذه النسخة المثيرة
للجدل بعيدًا عن التهويل الإعلامي.