ما تحتاج معرفته عن الذكاء الاصطناعي لآبل Apple Intelligence



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


في مؤتمرها العالمي للمطورين – WWDC 2024، وبعد انتظارٍ دام لسنوات، أسدلت شركة أبل الستار عن مزايا الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تنوي إضافتها إلى مختلف أجهزتها، بما في ذلك الآيفون والماك والآيباد. ومثلما ميّزت سامسونج أجهزتها مع منظومة Galaxy AI، والتي احتُسِب لها السبق في تبني مميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي بهواتفها، أطلقت أبل اسم "Apple Intelligence" على نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها واصفةً إياه بأنه "ذكاء شخصي" Personal Intelligence بحيث تقدم هذه المزايا مستوى عالٍ من الأمان، وتكون أكثر ارتباطًا بالمستخدمين، على حد وصف الرئيس التنفيذي للشركة؛ تيم كوك.

وكما جاءت التوقعات والتسريبات، تمنح منظومة Apple Intelligence أجهزة آبل قدرات فريدة لفهم اللغة والصور وإنشائها، واتخاذ الإجراءات اللازمة عبر التطبيقات، واستخلاص البيانات من السياق الشخصي، لتسريع المهام اليومية وتبسيطها. وللخصوصية، فمعظم المزايا ستعمل محليًا بالاعتماد على هاردوير الجهاز وبعضها قد يستند إلى خوادم آبل المؤمنة جيدًا. وفيما يلي نستعرض إمكانيات "Apple Intelligence" والتي لن تعمل سوى على أجهزة أبل التي تأتي برقاقة من سلسلة الـ M أو الـ A17 فيما فوق.

مزايا الذكاء الاصطناعي من Apple Intelligence

مزايا الذكاء الاصطناعي من Apple Intelligence


أولًا: ما هو نظام Apple Intelligence


مبدئيًا، "آبل إنتلجنس" ليس نظامًا تشغيليًا أو حتى نموذج ذكاء اصطناعي جديد من آبل، بل هو مجرد مصطلح يشير إلى مجموعة من تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي التوليدي التي تقدمها آبل والمدمجة بشكل عميق في أجهزتها وخدماتها بدايًة من أنظمة iOS 18 و iPadOS 18 و macOS Sequoia. تعمل هذه التقنيات على تحسين تجارب المستخدم من خلال توفير وظائف مخصصة وفعالة وبديهية في الخدمات التي يتعامل مع المستخدمون بشكل يومي. على سبيل المثال، تساعد أدوات الكتابة (Writing Tools) الجديدة إعادة كتابة النصوص وتدقيقها وتلخيصها في تطبيقات مثل البريد، والملاحظات، وPages إلى جانب التطبيقات الخارجية. بينما تتيح ميزة Image Playground إنشاء الصور أو تحويل الرسوم التخطيطية إلى صور مبهجة، جنبًا إلى جنب التعبير عن نفسك بصريًا بإنشاء رموز تعبيرية فريدة باستخدام Genmoji.


قوة نظام Apple Intelligence أتاحت لآبل تطوير المساعد الشخصي الافتراضي Siri ليكون أكثر ذكاءً ونفعًا من أي وقت مضى، فقد حصل Siri على تصميم جديد كليًا وقدرات أغنى للتواصل وفهم اللغة الطبيعية للرد على استفسارات المستخدم وتعيين التذكيرات وإرسال الرسائل والمزيد. كذلك تم دمج ChatGPT في معظم مزايا النظام للاستفادة من قدرات نموذج GPT-4o في فهمه للصور والمستندات وخبرته في توليد النصوص وتلخيصها، وذلك دون الحاجة إلى الاشتراك في حساب أو دفع رسوم.
 
ستُنفذ الكثير من عمليات المعالجة المرتبطة بنظام Apple Intelligence محليًا في أجهزة المستخدم، ولكن تلبيةً للمزيد من عمليات المعالجة الأكثر تعقيدًا والتي تتطلب قوة أكبر للتنفيذ، فإنّ تقنية Private Cloud Compute تتوسع في خصوصية وأمان أجهزة آبل حتى مدى السحابة لتقديم المزيد من الذكاء. يتم تشغيل هذه التقنية بالاعتماد على خوادم مؤمنة تدعمها شرائح آبل القوية، لذا تُعالج البيانات المتعلقة بمهمة المستخدم فقط على خوادم آبل، ولا يتم تخزينها أو جعلها في متناول الشركة نفسها.

ثانيًا: قدرات نظام Apple Intelligence


1- الكتابة والنصوص التوليدية



واحدة من أبرز مميزات "Apple Intelligence" هي القدرة على إنشاء النصوص أو إعادة كتابتها لتكون أكثر وضوحًا وجاذبية. سيستطيع الذكاء الاصطناعي الخاص بأبل وبمساعد أدوات الكتابة (Writing Tools) إعادة صياغة المواد المكتوبة وتغيير أسلوبها بما يتناسب مع المحتوى أو المناسبة، وهذا سيكون مفيدًا إذا كنت تريد إرسال بريدٍ إلكترونيّ احترافيّ وحتى في الرد على الرسائل التي لا تعرف أفضل رد عليها. تعمل هذه الأدوات في تطبيق Mail و Messages و Notes والتطبيقات المكتبية من آبل مثل Keynote و Pages.

قد تتساءل عن الفرق بين ذلك وبين ما يفعله ChatGPT مثلًا، وهذا سؤال مشروعٌ الآن ولبقية الميزات القادمة تقريبًا، والجواب واحد وهو أن كل العمليات ستتم مباشرةً على الجهاز بكل تطبيقاته سواء من الطرف الأول أو الثالث، أي أنك ستستطيع استخدام الـ "AI" بتطبيق الرسائل، والبريد الإلكتروني، والملاحظات، والورد، وغيرهم دون الحاجة إلى فتح المتصفح أساسًا، وفي معظم الحالات، لن يتطلب الأمر توافر اتصالًا بالإنترنت.


كذلك يقدم الذكاء الاصطناعي من أبل أداة التدقيق (Proofread) التي تراجع اللغة من حيث القواعد واختيار الكلمات، بل وهيكل الجمل، وبالتالي يقترح لك التعديلات المناسبة ويُخبرك بالسبب بحيث يمكن مراجعتها أو قبولها بسرعة. أضف إلى ذلك أنه سيلخص لك المحتوى إذا طلبت منه ذلك، وسيضعه لك على شكل فقرات سهلة الاستيعاب. ويمتد الفهم العميق للغة ليصل إلى الإشعارات، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي من آبل أن يحدد الإشعارات ذات الأولوية ويبرزها في مركز الإشعارات، أو تلخيص اشعارات الرسائل الطويلة.


وأخيرًا، يستطيع Apple Intelligence مساعدة المستخدمين في تفريغ الملفات الصوتية وتدوينها وتلخيصها في تطبيق "الملاحظات" ولأول مرة يمكن لحاملي هواتف آيفون الداعمة لهذا النظام تسجيل المكالمات الهاتفية مع إشعار المشاركين فيها تلقائياً، وعند انتهائها، ينشئ نظام "آبل إنتلجنس" ملخصاً للمساعدة في تذكر أهم النقاط، بشكل يشبه ميزة Live Translate في الذكاء الاصطناعي لهواتف سامسونج.

2- إنشاء الصور



بالإضافة إلى إنشاء النصوص وتصحيحيها وتلخيصها إلخ، وبفضل ما يُسمى بنماذج الانتشار Diffusion Models – آليات لعمل الذكاء الاصطناعي – والنماذج اللغوية الكبيرة LLMs، وهي نفس الآليات المستخدمة في أدوات مثل DALL-E وMidjourney، يستطيع الذكاء الاصطناعي الخاص بأبل أن يُنشئ الصور، والرموز التعبيرية، والـ GIFs من خلال تطبيق Notes أو Messages. كما سيتم إتاحة هذه الإمكانية بالعديد من التطبيقات الأخرى مثل Pages و Keynote وغيرهم كما هو الحال في توليد النصوص، وذلك عبر ميزة تُسمى "Image Playground" والتي يمكن استخدامها بشكل مستقل عبر التطبيق الخاص بها أيضًا.

باستخدام Image Playground يمكن إنشاء "صور مُسلية في ثوانٍ" وبثلاثة أنماط مختلفة هي الرسوم المتحركة، والرسوم التوضيحية، و"السكتشات". يتم إنشاء جميع الصور على الجهاز، ما يمنح المستخدمين حرية اختبار هذه الميزة باستخدام أكبر عدد من الصور التي يرغبون بها.


وسيستطيع المستخدمون استخدام أكثر من مفهومٍ أو توجه "Theme" للصورة، فضلًا عن كتابة وصفٍ لها، بل واختيار صور من الجهاز حتى تتم محاكاتها، ولا تقلق؛ خصوصيتك محفوظة حسب ادعاء أبل. كيف يمكنك استخدام هذه الميزة؟ على تطبيق الرسائل مثلًا يمكنك أن تُرسل لصديقك صورةً توضيحية سريعة للشيء الذي تُحدثه عنه ولا يفهمه بالكلمات. صحيحٌ أن جودة الرسومات لن تكون كما في Midjourney، إلا أنها ستوفر حلًا سريعًا يُشبه نظام MetaAI في إنستجرام أو واتساب.

يوفر النظام أيضًا أداة Image Wand التي تتيح للمستخدمين تحديد النص لإنشاء صورة داخل تطبيق "الملاحظات" فكل ما على المستخدم هو رسم دائرة حول النص أو الرسمة اليدوية، وستقوم Image Wand بتحليل المحتوى المحيط بها لإنتاج صورة تكميلية. ويمكنك أيضًا وضع دائرة حول مساحة فارغة، وستستخدم Image Wand السياق المحيط لإنشاء صورة.

3- التعديل على الصور



تلقى تطبيق الصور Photos تحديثًا كبيرًا تضمن تخطيطًا جديدًا وإمكانية إنشاء فئات ومعارض مخصصة للصور. وبفضل الذكاء الاصطناعي من Apple Intelligence، أصبح بإمكانك التعديل على الصور عن طريق إزالة العناصر غير المرغوب فيها – مثلما نجد في هواتف الجلاكسي الداعمة لـ Galaxy AI – بفضل أداة "Clean Up" وبضغطة زرٍ واحدة. علاوة على ذلك، تم تحديث ميزة "الذكريات" Memories لتسمح بإنشاء قصة باستخدام بعض الصور عن طريق كتابة وصف فقط، وأبل ستتولى الباقي بتجميعها للصور المناسبة ومن ثم إضافة موسيقى من Apple Music.

كذلك يتيح الذكاء الاصطناعي في تطبيق Photos استخدام اللغة الطبيعية للبحث عن صور معينة، مثل «مايا تتزلج مرتديةً قميص مصبوغ» أو «كاتي وعلى وجهها ملصقات». أما بالنسبة للبحث في الفيديوهات فقد أصبح هو أيضاً أكثر قوةً مع إمكانية العثور على لحظات معينة في المقاطع ليصل المستخدمون مباشرة للجزء المعني.

4- سيري بحلتها الجديدة



أصابت الشائعات بدقة وتلقت سيري – مساعد أبل الذكي – تحديثًا كبيرًا جعلها ذكيةً – أخيرًا – فعلًا! فالآن يمكن لسيري أن تفهم ما تقوله بشكلٍ أفضل وتعطيك ردودًا واقعية، على سبيل المثال، أصبح بإمكانها أن تفهم الكلام المُلعثم وتستوعب أن "البني آدم" يمكنه أن يغير رأيه في منتصف العبارات. ولم تعد سيري مجرد واجهة صوتية، إذ أضافت آبل أيضًا القدرة على كتابة الاستفسارات مباشرة، والحصول على الإجابات. ومع إدراك ما يتم على شاشة الأجهزة، وبمرور الوقت سيكون لدى Siri إمكانية فهم واتخاذ إجراءات فيما يتعلق بمحتوى المستخدمين في مزيد من التطبيقات. فعلى سبيل المثال إذا أرسل صديق عنوانه الجديد في تطبيق الرسائل، يمكن للمستقبل قول، «أضف هذا العنوان لبطاقة جهة الاتصال.»

ومن المميزات التي تم تقديمها في مؤتمر WWDC 2024، والمثيرة جدًا برأيي، هي تلك التي تجعل Siri يُنفذ أوامر معقدة بدلًا عنك. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب منه إيجاد ملف كان قد أرسله صديقك أو تشغيل بودكاست شاركك إياه أحدهم، وهكذا. أود أن أطلق على هذه الميزة "المستخدم الخفي"، وأبل تؤكد أن هذا "المستخدم الخفي" يفهم السياقات جيدًا ويستطيع الوصول إلى البيانات الشخصية وتحليلها مثل الإيميلات، والدعوات المحفوظة بتطبيق التقويم، والوسائط، وغيرهم.


تقول أبل: "بفضل Apple Intelligence، ستستطيع سيري تنفيذ مئات العمليات الجديدة بتطبيقات أبل أو الطرف الثالث"، وتُدلل على ذلك قائلةً: "على سبيل المثال، سيستطيع المستخدم أن يأمر سيري بإحضار ذلك المقال الذي يتحدث عن حشرات الزيزيات من قائمة القراءة، أو بإرسال صور حفل الشواء المُقام يوم السبت إلى الأصدقاء". وتفهم سيري الكلام البشري بشكلٍ مذهل، فإذا استعنا بمثال البودكاست مرةً أخرى، سنرى أنها تستطيع تشغيل البودكاست الذي رشحه لك صديقك دون حتى أن تفتح هذه المحادثة.

ومن المُقرر أن يستفيد نظام سيري في المستقبل من قدرات ChatGPT أو أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى حتى يُحلل الصور أو يُنشئ ردودًا أكثر تفصيلًا وواقعية مما أصبح عليه. وبالمجمل، أصبحت النسخة الحالية من سيري يُعتمد عليها حقًا لدرجة أنها تفهم الأوامر غير الواضحة وبات باستطاعتها أن تعلم المستخدم كل شيء بدءاً من طريقة جدولة الرسائل في تطبيق البريد، حتى طريقة التحويل من النمط الفاتح إلى النمط الداكن. ومن خلال ميزة App Intents، ستتيح آبل إدماج Siri بنحو أكبر في التطبيقات المختلفة، وستدعم أولًا التطبيقات الأصلية للشركة، ثم التطبيقات الخارجية لاحقًا.

5- لقد وصل ChatGPT!



تعاونت أبل مع OpenAI لتجلب النموذج الأحدث والأكثر تطورًا (GPT-4o) إلى خبرة Apple Intelligence لتعزيز مزايا الذكاء الاصطناعي للنظام، ولكن ليس بالصورة التي توقعها البعض. فمبدأيًا، سيري ستبقى المساعد الشخصي – الذكي فعلًا هذه المرة – الأساسي، في حين سيلعب GPT-4o دور الخبير الذي يتدخل حين يتطلب الأمر ذلك. كيف؟ عندما تستخدم مميزات "Apple intelligence" أو سيري ستتمكن من استشارة GPT-4o في أيٍ مما تريده عن طريق الضغط على "Use ChatGPT". على سبيل المثال، يمكنك أن تُرسل لسيري صورة لوجبةٍ معينة وتطلب منها الوصفة ليقوم مساعد أبل ذكي باقتراح الاستعانة بالخبير (ChatGPT) وبمجرد الموافقة سيأتيك بالجواب.

مُجددًا، الفرق أنك لن تُضطر إلى الذهاب إلى تطبيق ChatGPT فضلًا عن مغادرة التطبيقات أصلًا؛ كُل شيء سيتم وأنت في مكان، وإذا كنت تعتقد أن OpenAI ستخزن بياناتك نظرًا لأنك ستستخدم منتجها ChatGPT، فهذا لن يحدث مع مستخدمي أبل إلا في حالة تسجيل الدخول بحسابهم على OpenAI. وفقًا لآبل، تتوفر حماية مدمجة لخصوصية للمستخدمين الذين يستخدمون ChatGPT ضمن مزايا Apple Intelligence، حيث يتم حجب عناوين IP الخاصة بهم، ولا يقوم OpenAI بتخزين الطلبات.

ثالثًا: الأجهزة وموعد الطرح



تتوفر مميزات الذكاء الاصطناعي الخاصة بأبل مجانًا على جميع أجهزة الشركة التي تعمل بأنظمة iOS 18 أو iPadOS 18 أو macOS Sequoia غير أنها لن تُتاح قبل الخريف القادم وباللغة الإنجليزية فقط. وكما أشرنا في البداية، يجب أن يعمل جهازك بشريحة من سلسلة الـ M في حالة الآيباد والماك، أو بشريحة الـ A17 فيما فوق في حالة هواتف الآيفون، أي على iPhone 15 بأنواعه. ربما يتغير هذا الأمر في المستقبل كما فعلت سامسونج، ولكن إلى الآن هذا هو المُعلن.

في النهاية، لا يجب أن ننسى أن ما يميز Apple Intelligence – بعيدًا عن المميزات نفسها – أن معظم العمليات تحدث على الجهاز، وهذا مُطمئنٌ للغاية لمن سيترددون في استخدام مميزات الـ AI الجديدة فور صدورها خوفًا على خصوصيتهم، إذ تصل هذه المميزات إلى كل شيء على أجهزة أبل تقريبًا وتفهم السياقات، ولكن للمرة الأخيرة، لا داعي للقلق؛ لن تتجسس أبل على خصوصيتك ولن يتم الوصول حتى إلى الـ iCloud سوى في أضيق الحالات، وحتى ذلك لن يعرض الخصوصية للانتهاك.

تعليقات