أسباب تدفعك لشراء نظارة Apple Vision Pro وأخرى لعدم شرائها

نستعرض بعض النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار في حال كنت تفكر في شراء نظارة الواقع المختلط الجديدة Vision Pro من آبل.
كما وعدت في مطلع يناير الماضي، قامت شركة آبل بطرح نظارات الواقع المُختلط المُنتظرة «Apple Vision Pro» اليوم – 2 فبراير 2024 لتكون متاحة للشراء سواء عبر متاجر Apple Store المحلية أو متجر Apple Store الإلكتروني، ولكن فقط داخل الولايات المتحدة الأمريكية، على الأقل حتى الآن. حدث كهذا بالطبع يستدعي مباشرة طرح السؤال: "هل تستحق الشراء؟" لاسيّما وأننا نعرف مواصفاتها وما تستطيع أن تقوم به بالفعل منذ شهر يونيو المُنصرم عندما كشفت لنا التفاحة الأمريكية عن هذا المُنتج الخاطف للأبصار في مؤتمرها العالمي للمطورين 2023.

وبما ان هذه النظارات أصبحت في أيدي المستخدمين، يعني أنك إذا سألت أحدهم عما إذا كان سيشتريها أم لا، فمن المفترض أن تنحصر الإجابة بين الـ "نعم، بالطبع" واللّا الصريحة، ولكن الحقيقة أن المستخدمين مترددون للغاية نظرًا لأسباب كثيرة أهمها الثمن الباهظ، ناهيك أن هذا المنتج هو الأول من نوعه بالنسبة للشركة العريقة. اليوم، سنستعرض أمامكم الأسباب التي قد تدفعكم لشراء الـ Apple Vision Pro، ولكننا أيضًا سنُعرج إلى الأسباب التي قد تمنعكم عن ذلك بغية حسم التردد.

نظارة Vision Pro

نظارة Vision Pro تستحق الشراء أم لا


أولًا: لماذا تشتري نظارة Apple Vision Pro؟


من البديهي أن نُجيب على هذا السؤال باستعراض المميزات التقنية المباشرة للـ Apple Vision Pro، وهذه المميزات حقًا مُذهلة ومن شأنها أن تُقنع الكثيرين بالشراء فعلًا، ولكن نظرًا لأن هذا الموضوع قد قُتِل بحثًا، ناهيك أن الشخص الذي يوشك على شراء نظارة بآلاف الدولارات من المفترض أن يكون على دراية بهذه المميزات ويحفظها عن ظهر قلب، فدعونا نتناول الجواب على هذا السؤال من منظورٍ مختلف، على الأقل في أول نقطتين ثم سنتطرق للتركيز على أهم المميزات كما هو متوقع.

1- ليست كأي جهازٍ من أبل



تبرع شركة أبل في صك مصطلحات غير تقليدية لتقنيات موجودة بالفعل، ويمكنك التأكد من ذلك إذا فكرت في أشهر منتجاتها؛ حرف الـ "i" في الـ "iMac" مثلًا كان دلالة من أبل على إمكانية ولوج الجهاز للإنترنت رُغم وجود أجهزة كثيرة مماثلة تستطيع أن تتصفح الإنترنت بلا مشاكل في ذلك الوقت، ونفس الشيء ينطبق على بقية المنتجات على اختلاف وظائفها (iPhone و iPod و iPad و iCloud، إلخ)، والسؤال هُنا: لماذا لم تُسمِ الشركة نظاراتها الجديدة بالـ "iVision" لتسير على نفس النهج؟ قد يقول أحدهم: "وما الشيء المثير في هذه النظرية لكي أكون متحمسًا لشراء نظارة بآلاف الدولارات"؟ والجواب يا عزيزي يكمن في عامل التشويق والإثارة، وأي مُعجب واثق في أبل ويحرص على شراء جميع منتجاتها يعلم جيدًا ما نتحدث عنه. لم تستخدم آبل كلمات كـ "نظارة واقع مختلط بتقنيات مذهلة" أو شيء من هذا القبيل، بل دائمًا تسوق Vision Pro على أنها مدخل لعصر "الحوسبة المكانية" أو "طريقة جديدة للحوسبة".

2- شغف أبل بالواقع المُدمج



استكمالًا للجزئية السابقة، نرى أن أبل نادرًا ما تصنع مُنتجًا جديدًا، ولكن المميز بشأنها أنها تتناول مُنتجًا أو تقنية موجودة بالفعل وتُخرِج أفضَل ما فيها، فالواقع الافتراضي (VR) ليس شيئًا جديدًا وقد سبقتها إليه شركات أخرى مثل Meta و HTC وغيرهم، بل الحقيقة أن الواقع المُختلط (Mixed-Reality) نفسه ليس شيئًا جديدًا، فمايكروسوفت كانت مهتمةً به لفترة ثم قررت التخلي عنه، أما أبل، فترى أنه مُستقبل الواقع البديل بشكل عام ونظرًا لهذا الشغف واستمرارها بمحاول تحويله إلى واقع، يمكننا أن نُكسِب Apple Vision Pro دفعة إضافية من الثقة.

3- ليست كأي نظارة ذكية في السوق



على عكس كُل النظارات المُشابهة والموجودة في السوق، لا تتطلب الـ Apple Vision Pro من مستخدميها أن يستعينوا بأي مُلحقات أو يُهيئوا أي إماءات عجيبة حتى يستطيعوا التمتع بمميزاتها. كل ما تحتاجه هو النظارة ووعيك فحسب، ارتديها، وتحكم بكل شيء عن طريق عينيك وإيماءات بسيطة جدًا بيديك. النظارة عملية للغاية وتنقل مستوى الحوسبة المكانية (Spatial Computing) والواقع المُدمَج (MR) إلى مستوى آخر تمامًا، ولأن لن تستطيع تخيل ما يمكن لهذه النظارة فعله – مقارنة بالمنتجات المشابهة – إلا عند رؤية ذلك بنفسك، ننصحك بأن تُشاهد هذا المقطع الذي استعرضت فيه أبل ما يمكن لنظارتها الثورية أن تفعل.

4- المكانة المرموقة!



أخبر شخصًا ما بأنك تمتلك Apple Vision Pro وسيصبح مهتمًا بك أكثر من أي وقت مضى، ناهيك أنه سيُغرقك بفيضان من الأسئلة وسيكون على أحر من الجمر لتجربتها. صحيحٌ أن العدد الذي أنتجته أبل من نظاراتها قد تم بيعه بالكامل، ولكن التقارير تُشير إلى أن الإنتاج الأوليّ كان محدودًا للغاية، وأغلب الظن أن أبل ستنتج المزيد في المستقبل القريب.

5- العرض المكاني للفيديوهات



تحتوي نظارة Apple Vision Pro على نظام عرضٍ مكاني ثلاثي الأبعاد من شأنه أن يعرض الفيديوهات أمام المستخدمين كما لو كانوا يجلسون أمام شاشة سينما عملاقة. إذا كنت تمتلك هاتف آيفون 15 برو، فيمكنك أن تلتقط به الفيديوهات ثم تبثها مباشرة على النظارة بهذا الوضع الثوري، وحتى لو لم تكن تمتلك هاتفًا من الأساس، فتستطيع أن تلتقط الفيديوهات باستخدام النظارة نفسها لتحظى بنفس التجربة التي قد يكون من الصعب تكرارها باستخدام أي نظارة مُشابهة، وبخاصة لو كانت ذات جودة بصرية متواضعة. جديرٌ بالذكر أن هذا العرض يُشبه أيضًا التجربة المسرحية، فباستخدامه ستشعر وكأنك في مسرحٍ وأمام شخصيات وأشياء حقيقية.

6- الواقع المختلط كما لم تره من قبل



إذا كنت ترغب في دخول عالميّ الواقع الافتراضي والواقع المُعزز، فلا يوجد بابٌ أكبر من بابِ الـ Apple Vision Pro. تُقدّم عدستا النظارة (4K microLED) جودة منقطعة النظير بفضل عدد بكسلاتها المهول والمُقدَّر بـ 23 مليون بيكسل للعدسة الواحدة، وهذا رقمٌ يفوق جودة الـ Meta Quest 3 المُقدَّرة بـ 2064x2208. وعلى الرُغم من أن نظارتيّ Quest 3 و Quest Pro يُقدمان جودة معتبرة وخاصية التفاعل مع الواقع بهما (Pass-through) جيدة إلى حدٍ كبير، فإنها لا تقوى على مقارعة نفس الخاصية في نظارة أبل. جدير بالذكر ان خاصية الـ Pass-through هي ميزةٌ رئيسية في نظارات الواقع المُختلط MR تُمكن المستخدمين من التفاعل مع العالم الحقيقي ورؤيته بشكل جيد أثناء ارتداء النظارة.

ثانيًا: لِما لا تشتري Apple Vision Pro؟


1- السعر الباهظ



لا شك أن أول عائق لشراء نظارات أبل الثورية هو سعرها الباهظ المُقدّر بحوالي 3500 دولار، والذي حتى إذا أردت أن تُقسِّطه، فستحتاج إلى دفع 300 دولار شهريًا. هذا السعر كفيل بأن يجعل الكثيرين ينبذون الفكرة حتى قبل سماع المواصفات، وبخاصةً لو كنا نتحدث عن قاطني البلدان العربية، ناهيك أننا نعيش حالة من التضخم الجنوني للأسعار. إحقاقًا للحق، بدأت أبل العمل على النظارة قبل أن نقع في هُوة الغلاء الأخيرة، وعندما سعَّرتها بهذا الرقم فهي كانت تعلم جيدًا أن لديها جمهورًا جرارًا مُستعد لدفع الغالي والنفيس من أجل الحصول على هذا الجهاز السحري.

ولك أن تتخيل أن الشخص إذا كان يُعاني من مشكلة في الإبصار، فعليه أن يدفع المزيد (من 99 إلى 150 دولارًا) حتى يحصل على العدسات الطبية التي تأتي مع النظارة، فضلًا عن أن مساحة الـ Apple Vision Pro التخزينية هي 256 جيجابايت، وإذا أردت مساحة أكبر، فأيضًا عليك أن تدفع أكثر. يمكننا أن نقول إن شراء هذا الجهاز هو استثمارٌ أكثر منه رفاهية.

2- نظارات أبل قد لا تكون مُريحة



إذا أردت استخدام الـ Apple Vision Pro، فعليك أن تتصالح مع حقيقة أنك ستضع أكثر من نصف كيلوجرام على رأسك، لا يوجد حلٌ آخر، وبغض النظر عمّا إذا كانت خامات النظارة نفسها مريحة أم لا، يظل وزنها عائقًا مؤرّقًا وارتداءها لا يمكن تشبيهه بارتداء النظارات العادية مثلًا. الجدير بالذكر أن وزن نظارات أبل أخف من وزن الـ Meta Quest Pro مثلًا – بحوالي 100 جرام – ولكنها ستظل غير مريحة بالنسبة لبعض المستخدمين لا ريب.

3- ستعزلك عمن حولك



تُسوق أبل لنظاراتها بالحديث عن مميزاتها وقدراتها في عرض الصور والفيديوهات بشكل محيطي ثلاثي الأبعاد وكأنك تعيش داخل التجربة، وهذا حقيقي، ولكنه في نفس الوقت يعزلك عن العالم ويُنقص من استمتاعك المتمثل فيمن حولك، إذ ما الفائدة من خوض تجربة سينمائية واقعية بدون عائلتك أو أصدقائك؟ أجل بإمكانك أن تقضي اليوم كله مع الـ Apple Vision Pro وتستخدمها في كل شيء بدايةً من الرد على الإيميلات وقراءة الأخبار وحتى إنجاز أعمالك عليها، ولكن لا يجب أن تنسى أن هناك عالمًا حقيقيًا بانتظارك.

4- التواصل المُريب مع الآخرين!



تُرفَع القبعة لأبل لأنها حاولت أن تُبقينا على اتصالٍ بالعالم الحقيقي بفضل خاصيتي الـ "Pass-through" التي تحدثنا عنها والـ "EyeSight" التي تجعل عينيك تظهر من وراء عدسات النظارة -تلقائيًا- عندما تتحدث إلى شخصٍ ما. رُغم كل هذا، يظل الأمر مُريبًا! ففي نهاية المطاف يراك الشخص الآخر مُرتديًا جهازًا عجيبًا على رأسك كما أن عيناك يبدوان وكأنهما عينا فضائي من كوكبٍ آخر، إذ لا يظهرا كما الحقيقة، وإنما كما تراها الكاميرات الداخلية. بالمناسبة، تستطيع نظارات أبل أن تُجري مكالمات FaceTime مع مرتدي النظارة الآخرين، ولكن الأمر أيضًا سيبدو عجيبًا أيضًا لأنك ستتحدث إلى شخصية Persona مماثلة، ولكن غير حقيقية، للشخص الآخر.

5- قلة التطبيقات المدعومة



كأي جهازٍ تقني جديد، ستحتاج الـ Apple Vision Pro بعض الوقت حتى تدعم المزيد من التطبيقات، ورُغم أن الشركة تعد بدعم النظارة لمليون تطبيق عند الإطلاق، فإن معظمها لن يعمل بسلاسة مع نظام الـ VisionOS (نظام تشغيل النظارة) الجديد. هذا أمرٌ طبيعي ويمكنك أن تلاحظه إذا عُدت بالذاكرة إلى هاتف الآيفون الأول والذي لم يكن يدعم حتى متجر التطبيقات App Store، والآن كما ترى؛ كُل مطوري التطبيقات تقريبًا يسعون لنيل رضاء مُستخدمي هواتف أبل.

6- البطارية


قد تخذلك البطارية الخارجية للنظارة وكابل الـ USB-C الذي يأتي معها إذا أردت أن تخوض تجربة مُكثَّفة بالواقع الافتراضي VR أو الواقع المُختلط MR، حيث تستمر البطارية لساعتين فقط في حالة الاستخدام العام، ولساعتين ونصف في حالة مشاهدة الفيديوهات، وإذا أردت أن تستمتع بها لأطول فترة ممكنة، فعليك أن توصلها بالشاحن. بوضع سعر النظارة الباهظ في الاعتبار، فأعتقد أن هذه المُدة لن تُرضي الكثيرين.

في النهاية، تظل نظارات أبل الجديدة Apple Vision Pro مُختلفةً عن أي مُنتج تقني رأيناه من قبل، فهي تُجسد الواقع المختلط كما كنا نحلم به، ناهيك أن مميزاتها التقنية الأخرى هاربةٌ من أفلام الخيال العلمي، ولكن في نفس الوقت لا يمكننا إغفال السعر الباهظ وبقية العيوب الأخرى التي نتفهم وجودها لأننا لا زلنا في البداية، الشاهد أن شراء هذه النظارات يحتاج إلى تفكير عميق.
أحمد صفوت صلاح الدين
أحمد صفوت صلاح الدين
كاتب محتوى تقني وصحفي علمي، لي مساهمات عدة في مواقع عربية مختلفة مثل أراجيك، وإضاءات. أهوى الكتابة عمومًا وأريد أن أصنع فارقًا.
تعليقات

احدث المقالات