هل يصحّ استخدام شاشة التلفاز كشاشة للكمبيوتر ؟

في حال كنت تفكر في استخدام شاشة التلفاز كشاشة لحاسوبك، فهناك مجموعة من الأشياء يجب معرفتها قبل اتخاذ قرارك، دعنا نوضحها في هذا المقال.
خلال السنوات الأخيرة أصبحت شاشات التلفاز، خاصةً شاشات LCD، تتشابه مع شاشات الحواسيب بشكل كبير، وهو ما طرح تساؤلاً حول استخدام شاشات التلفاز مع الحاسوب بدلاً من شراء شاشة حاسوب باهظة السعر خاصةً إذا كان الحجم الكبير أو الدقة العالية شيئاً مطلوبًا. في الحقيقة يُعد استخدام شاشة التلفاز كشاشة حاسوب فكرة سديدة، ولها العديد من المزايا، ولكن هناك ملاحظات بشأنها، فلن تكون الفكرة مناسبة لجميع المستخدمين، وبالتحديد الذي يطلب عملهم دقة في الألوان، نظراً لأنها شاشات مخصصة لعرض المحتوى فحسب ولا تراعي خصائص أخرى مثل الشاشات المصممة اصلًا للعمل مع الحواسيب. لهذا نسلط الضوء فيما يلي على النقاط التي تحدد قرار استخدام شاشة التلفاز لحاسوبك.


كيف تختلف شاشات التلفاز عن شاشات الحاسوب؟


تقدم شاشات التلفاز العديد من عوامل الإغراء التي تجعل مستخدمي الكمبيوتر يفضلونها عن شاشات الحاسوب التقليدية (Monitors). على سبيل المثال، من السهل توصيل الحاسوب بشاشة التلفاز عبر منفذ واحد، فلا توجد أي تعقيدات في ذلك أو متطلبات خاصة كي تعمل شاشة التلفاز على الكمبيوتر. الفضل في ذلك يرجع إلى معيار التوصيل HDMI الذي يسمح باستخدام كابل واحد فقط لإنشاء اتصال بين الحاسوب وشاشة التلفاز لنقل كلًا من الصوت والصورة. شتان بين هذا وبين استخدام كابل VGA القديم مع شاشة التلفاز إن وجدته أو توصيل بطاقة الرسوم مخصصة بشاشة التلفاز عبر منفذ S-Video، فكلا الخيارين أقرب من الاستحالة منها إلى الإمكان!


من الناحية الاقتصادية، نجد أن شاشات الكمبيوتر، خاصًة التي تقدم دقة عالية مثل 4K باهظة الثمن مقارنًة بمثلها من شاشات التلفاز، ويا حبذا لو كانت بحجم 43 بوصة، فإذا كنت لاعباً تفضل الجودة عن معدل الإطارات أو صانع محتوى جل ما يهمه الدقة العالية المطلوبة في تصميم الـ 3D Animation مثلاً ستجد أن شاشات التلفاز حل اقتصادي رائع. يمكننا الحديث عن إغراءات شاشات التلفاز كثيرًا لكن دعونا نبرز الاختلافات الهامة بين شاشات الحاسوب والتلفاز التي يجب أن تعلم بشأنها.

مبدئيًا، يتمثل الفارق الرئيسي بين شاشات التلفاز وشاشات الحاسوب في الغرض الذي خُصصت له، فشاشات الكمبيوتر مناسبة للمستخدم الذي يجلس مباشرةً أمام الشاشة بمسافة قريبة ولمدة طويلة، بينما شاشات التلفاز مصممة بحيث يتم النظر إليها للمشاهدة من مسافة بعيدة نسبيًا. هذا الاختلاف يؤثر في التقنيات المُستخدمة بالشاشة مثل نوع لوحة الشاشة (OLED vs IPS vs LED) ونظام الإضاءة الخلفية ومعالجة الصور، كما أن شاشات الحاسوب تميل إلى دعم كثافة بيكسلات أعلى من شاشات التلفاز نظراً للدقة بالنسبة للحجم، كما أنها ذات معدل أعلى من شاشات التلفاز غالباً، ومعدل تأخير لا يُذكر للبيانات المُدخلة، والميزتين الأخيرتين غاية في الأهمية بالنسبة لجميع المستخدمين وخاصةً الجيمرز.

شاشات التلفاز أفضل إذا كانت الأولوية للحجم



إذا كنت تفكر باستخدام شاشة تلفاز لحاسوبك على منضدة من مسافات معتادة لشاشات الحاسوب، فقد تجد خيارات مناسبة لكن جميعها كبيرة جداً لدرجة أن أصغرها هو الأكبر بالنسبة لشاشات الحاسوب البالغة 27 أو 32 بوصة كأكبر حجم شائع، ودعنا من الشاشات فائقة العرض فهي ليست بخيار لمن يبحث عن حل اقتصادي. في واقع الأمر، شاشات التلفاز بحجم 32 بوصة لم تعد متوفرة بسهولة، ويسوء الوضع مع شاشات التلفاز بحجم 27 بوصة العتيق، فعلى الأغلب أنك لن تجد شاشة تلفاز بدقة مناسبة وبحجم أقل من 42 بوصةً، بينما تكون الشاشات ذات حجم أكبر من 55 بوصة خياراً واجب الاستبعاد إذا كنت تنوي استخدامها على مسافات قريبة.

على الجانب الآخر، إذا كنت تفكر باستخدام حاسوبك من مسافة خُصصت من أجلها شاشات التلفاز، فلا توجد مشكلة حينئذ في اقتناء شاشة تلفاز بحجم 50 بوصة فما فوق. بالطبع هناك شاشات حاسوب بأحجام كبيرة مثل شاشات التلفاز، ولكن هذه الشاشات مخصصة لغرف الاجتماعات وتستهدف ميزانيات الشركات، وبالتأكيد أنك لا تمتلك بطاقة خصم فوري لدى حساب رأس مال إحدى شركات وادي السيليكون لتجرؤ على التفكير في شرائها، ما لم تكن إيلون ماسك أو جيف بيزوس!

شاشات الكمبيوتر أفضل إذا كانت الأولوية لدقة الألوان



أي نوع من أنواع صناعة المحتوى حيث تكون دقة الألوان مربط فرس، غالباً تفشل شاشات التلفاز في الوفاء بهذه المتطلبات حتى بعد إجراء معايرة للألوان، فالهدف الرئيسي من شاشات التلفاز ليس تقديم ألوان دقيقة، كما أن العديد من شاشات التلفاز تقوم بعمل معالجة لاحقة لتحسين الألوان مما يسبب اختلافاً عن الألوان التي قصدها صانع المحتوى.

على العكس تماماً، فإن شاشات الحاسوب المُخصصة لتعديل الصور والفيديوهات يمكن معايرتها، هذا إن لم تكن قد تم معايرتها بشكل مُسبق من قبل المصنع، وذلك لكي تعرض صوراً ثابتة ودقيقة الألوان، وهو أمر سيلاحظه المستخدم عند المقارنة ومع الاستخدام اليومي. لا شك أن الشاشات الاحترافية كبيرة الحجم مكلفةً أكثر من شاشات التلفاز ولو كانت أصغر منها بمقدار النصف، فتحسين دقة الألوان في شاشة بحجم 55 بوصة معقد أكثر من تحسينها في شاشة بحجم 24 بوصة مثلاً.

ماذا عن الدقة والأبعاد ومعدل التحديث؟



عندما نتحدث عن شاشات التلفاز، فليس أمامك سوى أبعاد واحدة للعرض والارتفاع وهي 16:9، وأربع أنواع من دقة العرض وهي 720p و 1080p و 4K و 8K. أما بالنسبة لشاشات الحاسوب، فأبعادها تبدأ من 16:9 وتصل إلى 32:9، بينما تتنوع دقتها بين 720p و 1080p و 1440p و 4K و 5K و 6K. لا مجال للمقارنة بين شاشة التلفاز والحاسوب إذا كانت الأخيرة فائقة العرض أي بأبعاد 16:10 للأعمال المكتبية أو 32:9 للألعاب، فهذه الشاشات تساعد بشكل كبير على التركيز والانغماس بداخل المحتوى، ولكنها باهظة السعر أيضاً. لذلك يجب وضع هذه النقطة في الاعتبار، وعلى أساس استخدامك يمكنك تحديد الشاشة الأصلح.

من جانب آخر، لا مجال للمقارنة بين شاشات التلفاز والحاسوب بالنسبة لمعدل التحديث، فعلى مر عقود كان معدل تحديث 60Hz معياراً شائعاً بين شاشات التلفاز، أي أنها قادرة على عرض 60 إطاراً في الثانية من المحتوى. مؤخراً بدأ مصنعو شاشات التلفاز بدعم منتجاتهم بمعدل تحديث 120Hz مع دقة 4K الذي يشكل لاعبو المنصات المنزلية من PlayStation و XBOX معظم مستخدميها. بعض شاشات التلفاز من الجيل الجديد تدعم ميزة معدل التحديث المتغير "VRR"، أي أن الشاشة تقوم بمزامنة معدل تحديثها مع معدل إطارات المنصة المنزلية، ويمكن الاستمتاع بهذه الميزة بفضل معيار HDMI VRR بمنفذ HDMI 2.1.

للأسف لا تدعم معظم الحواسيب بطاقات رسوم بمنفذ HDMI 2.1 للاستفادة من معدل التحديث المتغير للشاشات بدقة 4K ومعدل تحديث 120Hz، فالمنفذ غير موجود ببطاقات الرسوم أقل من Nvidia RTX 3000 و AMD RX 6000، وبالتالي لا يكون أمام معظم المستخدمين حل سوى استخدام منفذ DisplayPort والاستفادة من تقنيات G-Sync و FreeSync. لذا، إن لم تدعم بطاقة الرسوم خاصتك منفذ HDMI 2.1 فاستخدام شاشة التلفاز للحاسوب يعني وضع حدود على الاستخدام.

من ناحية أخرى، تقدم شاشات الحاسوب خيارات واسعة من معدل التحديث بدايةً من 60Hz حتى 500Hz، فعند كل مئوية لمعدل التحديث هناك أكثر من خيار. الخبر الجيد أنه إذا كانت شاشة الحاسوب تدعم نفس تقنية معدل التحديث المتغير لبطاقة الرسوم، ستكون قادراً على رؤية كل إطار بسلاسة تامة، فلا حاجة لمنفذ HDMI 2.1 حينئذ.

لا تتغاضى عن مشاكل الـ OLED



يُضرب بشاشات OLED المثل في جودة الصور ووقت الاستجابة ونقاء الحركة وحيوية الألوان والتباين والإضاءة وغيرها! عادةً ما يحرص هواة ال شاشات على اقتناء شاشات تلفاز من نوع OLED، ورغم أن أسعارها قد انخفضت مؤخراً، إلا أنها ليس مُرحباً بها بشدة في سوق الحاسوب لأن سعرها مرتفع بشكل منفر. ليس هذا فحسب، فشاشات OLED تعاني من مشكلة الاحتفاظ بالصورة، وتُسمى بالاحتراق الداخلي أو التطبيع، وهو عبارة عن ثبات عناصر معينة من الصورة لفترة طويلة مما يسبب تلون بعض بيكسلات الشاشة بهذه العناصر مهما تغير المحتوى المعروض، فتبدو هناك صورة مطبوعة بشكل دائم على الشاشة. عادةً ما تكون مشكلة التطبيع مؤقتة، ولكن إذا كانت هناك عناصر ثابتة بشكل دائم مثل شريط مهام ويندوز، فقد يلحق بالشاشة تطبيع دائم.


هل هناك حلول لهذه المشكلة ؟ بالتأكيد، يمكن التخفيف من وتيرة هذه المشكلة عبر تفعيل ميزة الـ Screensaver لعرض خلفية متحركة أو إغلاق الشاشة عند عدم استخدام الحاسوب لفترة، كما أن شاشات OLED حالياً تدعم أنظمة مُدمجة لمقاومة حرق الشاشة مثل عناصر واجهة الألعاب. الخلاصة أن التطبيع لم يعد مشكلة كبيرة لشاشات OLED حالياً، ولكنه يستحق الأخذ في الحسبان.

بعض شاشات التلفاز مُصممة للعمل بصفة مزدوجة!


أدركت بعض الشركات المصنعة لشاشات التلفاز أن بعض المستخدمين لديهم رغبة في الاستمتاع بالشاشات الكبيرة مع حواسيبهم المكتبية، لهذا بدأت بتوفير وضع مخصص للحاسوب بشاشات التلفاز التي يصنعوها والذي يضع جميع مزايا المعالجة جانباً لمحاكاة تجربة شاشات الحاسوب، صحيح أن الصور تصبح أقل جاذبيةً ولكنها أكثر واقعيةً. أيضاً توفر العديد من شاشات التلفاز وضع مخصص للألعاب الذي يزيل معظم المعالجة لتوفير تجربة لعب سلسة وواقعية إلى حد ما.

كما أن هناك شاشات تلفاز مُوجهة لأصحاب الحواسيب المخصصة للألعاب الذين يريدون الاستفادة من حجم شاشات التلفاز، فعلى سبيل المثال تدعم شاشة تلفاز LG C2 OLED تقنيتي G-Sync و FreeSync، ولكن ينقصها منفذ DisplayPort، لهذا يجب أن تدعم بطاقة حاسوبك الرسومية توصيل HDMI 2.1 للاستفادة من قدراتها.

يمكننا تلخيص هذه المقارنة الطويلة بشكل بسيط حسب الهدف من اقتناء الشاشة؛ إذا أردت استخدام الشاشة في الإنتاجية وخاصةً صناعة المحتوى حيث تكون دقة الألوان ذات أهمية ماسة، فليس هناك ما هو أفضل من شاشة الحاسوب. أما إذا كان الهدف من الشاشة هو اللعب من مسافة بعيدة عبر المنصة المنزلية أو الحاسوب، فشاشة التلفاز أفضل اختيار إلا إذا كان اللعب يتطلب مسافة قريبة مثل الألعاب التنافسية أو التي تتطلب معدل تحديث فائق. أيضاً لا مانع من اقتناء الشاشتين وتوصيلهما لاستخدام أي منهما حسب المهمة المطلوبة.
محمد زهير
محمد زهير
تعليقات

احدث المقالات