هل حقًا للوحة الأم تأثير على أداء الكمبيوتر ؟



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


تعتبر اللوحة الأم المكون الرئيسي في الحواسيب سواء المكتبية أو المحمولة كونها، كما يوحي الاسم، تقوم بربط مكونات الكمبيوتر من المعالج لكرت الشاشة للرامات، فيمكن القول بأنها العمود الفقري لأي جهاز عمومًا، وتتمثل مهمتها الرئيسية بإرسال المعلومات على شكل إشارات كهربائية بين مكونات الحاسب المختلفة. ومثل أي قطعة هاردوير، تختلف اللوحات الأم فيما بينها بالمواصفات والحجم او الـ Form Factor وبالتالي ستسأل نفسك هل الاهتمام باختيار اللوحة الأفضل مهم حقًا ام يمكن تجاهلها لصالح شراء أقوى معالج أو كرت شاشة ؟ دعني أجُيب على هذا السؤال بالتفصيل فيما يلي.



خضعت لوحات الأم لأجهزة الكمبيوتر على مدار السنوات الماضية إلى عددً من التحسينات والتغييرات الرئيسية، ولكن بقيت مهمتها الأساسية كما ذكرت هي ربط قطع الهاردوير المختلفة، وبكلمات أخرى فإن اللوحة الأم مسؤولة عن تقديم قدرة المعالجة لإدارة تدفقات البيانات بين أجزاء الحاسب كالمعالج وكرت الشاشة والرامات ووحدة التخزين، وذلك قبل أن تتطور المعالجات من Intel و AMD لتساعد اللوحة الام في إدارة باقي المكونات المتصلة، بما معناه أن وحدة المعالجة المركزية الحديثة الآن باتت قادرة على تحديد سرعة وكفاءة تدفقات البيانات بينها وبين بقية القطع. يظل للوحة الأم دورًا في إتاحة اتصالات إضافية للأجهزة الطرفية المدمجة وفتحات التوسعة ولكن الأداء الرئيسي يحدد من قبل وحدة المعالجة المركزية.

علاقة اللوحة الأم بأداء الكمبيوتر




يبقى السؤال هنا هل للوحة الأم علاقة بالأداء ؟ الإجابة بشكل مختصر هي لا، ليس بشكل مباشر. وللتوضيح سنفرض أنك استخدمت معالج عالي الأداء، حديث الجيل وليكن من فئة Intel Core i9 وكذلك كرت شاشة من الفئة العليا مثل RTX 3080 وحجم رامات كبير وهارد SSD M.2. بالطبع فهذه المواصفات متوقع أن تحصل منها على أداء خارق، لكن إذا افترضنا الآن أنك استخدمت هذه المكونات مع لوحة أم غالية وأخرى رخيصة فهل سيكون الأداء نفسه في الحالتين ؟ بالطبع لا، إذ ان كلا اللوحتين يقدمان نفس الحد الأدنى من الأداء بافتراض أن لكل منهما نفس الحد الأدنى لمعايير الأداء.

ولكن وعلى الرغم من أن الإجابة كانت لا، إلا أنه من الممكن أن تجد لوحتي أم تدعمان نفس جيل المعالج وكرت الشاشة وبقية الأجزاء ولكن تختلفان من ناحية الأداء، والسبب وراء ذلك أن أحد اللوحات ستشغل تلك الأجزاء بأداء متدني تبعًا للحد الذي تدعمه اللوحة والأخرى ستشغل نفس الأجزاء ولكن بأداء عال نظرًا لاختلاف الحد الذي تقدمه كل لوحة منهما.

على سبيل المثال، الأجهزة التي تتصل بمنافذ الـ PCIe في اللوحة مثل وحدات التخزين SSD M.2 وكروت الشاشة غالبًا ما تدعم إصدارات قديمة من معيار PCIe وبالتالي إذا اشتريت SSD M.2 يدعم معيار PCIe 4.0 لكن اللوحة الام تدعم معيار PCIe 3.0 فإن وحدة التخزين ستعمل ولكن بأقصى أداء يدعمه الـ PCIe 3.0 في اللوحة الام.


سيناريو كسر السرعة




يعرّف الـ Overlocking أو كسر السرعة على أنه عملية لتشغيل القطع الأساسية للكمبيوتر مثل المعالج أو كرت الشاشة بمعدل سرعة أعلى من الحد المصممة لأجله. هناك قطع تدعم هذا النوع من العمليات بحيث يمكن كسر سرعتها بشكل آمن وطبيعي مثل معالجات انتل التي ينتهي اسمها بحرف "K" ولكن عملية كسر السرعة لأيًا من هذه القطع يعني معدل استهلاك طاقة أكبر وكذلك توليد حرارة أكثر وبالتالي في حال لم يكن التبريد الخاص باللوحة الام جيداً فستقع بمشاكل كثيرة نتيجة لذلك.

تحتوي لوحات الأم من الفئة العليا على على مكونات تبريد إضافي للوحة نفسها، كما تمتلك القدرة على إدارة الطاقة بكفاءة أعلى أثناء اتصالها بالمكونات، جنبًا إلى جنب توفير الكثير من الخيارات لضبط عملية كسر السرعة بدقة متناهية. وبالتالي فإن اختيارك للوحة الأم له تأثير بالغ على ما إذا كنت ترغب في كسر سرعة مكونات الجهاز للاستفادة من أقصى أداء تصل إليه، ففي حالة شراء اللوحات الأم من الفئة الاقتصادية أو المتوسطة فلن تجد تلك الميزات حتى لو دعم المعالج أو كرت الشاشة كسر السرعة.


وفي سياق متصل بحالة كسر السرعة، نجد ان وحدات المعالجة المركزية ومعالجات الرسوميات الحديثة تستطيع أن تكسر حد الأداء الأساسي بشكل تلقائي، دون تدخل من المستخدم، وفقًا لكفاءة الطاقة في الكمبيوتر والقدرة الحرارية له، الأمر يبدو وكأن المعالجات الجديدة تحتوي مستشعر يستطيع ان يكتشف حالة الجهاز ككل، ففي حال وجد ان باقي المكونات، بما في ذلك اللوحة الام، مناسبة لرفع تردد التشغيل دون التأثير بشكل سلبي على استقرار الجهاز فسيقوم بذلك من تلقاء نفسه. وبالتالي لن تصل تلك المعالجات لحد عال من الأداء في حالة استخدام لوحة أم رخيصة.

نستنتج مما سبق أن اللوحات الأم لا تؤثر بشكل مباشر على الأداء لوحدها، فكل من المعالج وكرت الشاشة وذواكر الوصول العشوائي واللوحة الأم عبارة عن قطع ضمن لغز Puzzle ولكل قطعة دور وتؤثر مجتمعة بالأداء.

كيف أختار اللوحة الأم الأمثل:




بات الآن واضحًا أن اختيارك للقطع يحدد الأداء الذي ستحصل عليه، فعند اختيار معالج بمواصفات عالية وكذلك كرت الشاشة  ورامات ووحدات تخزين تقدم جميعها أداءًا عاليًا يناسب المهام التي ستقوم بها عليك اختيار لوحة أم مناسبة تقدم إمكانية تشغيل تلك القطع بالأداء مُرضي أو على الأقل كما هو متوقع منها.

وإلى جانب اختيار اللوحة المناسبة، لابد من الأخذ بعين الاعتبار عمليات الترقية المستقبلية لمكونات الكمبيوتر، بمعنى أن المعالج الذي اخترته متوافق مع اللوحة الأم التي اخترتها ولكن في حال رغبت بترقية المعالج مستقبلًا واستبداله بآخر من جيل أعلى فيجب أن تدعم اللوحة الأم معايير هذا الجيل الجديد وإلا ستضطر لتغيير اللوحة الام بالكامل أو أو يمكنك استخدام المعالج الجديد ولكن لن تحصل على الأداء الأعلى منه.

لذلك في حال كنت تنوي شراء لوحة ام تستطيع ان تصمد لسنوات وتتيح الترقيات المتتالية كل فترة اختر لوحة أم من الفئة العليا حتى لو اكنت تكلفتها أعلى، ولابد من الانتباه لعدد المنافذ الموجود على اللوحة لكي لا تقع بمشكلة عدم وجود منافذ كافية لما اشتريت من مكونات أخرى.

في النهاية، يعتمد الأمر على احتياجاتك، فإذا أردت فقط الأداء العال الذي ترغب به فاختيار اللوحة الأم ليس بذلك الأهمية بقدر اختيار بقية المكونات كالمعالج وكرت الشاشة وكل ما عليك القيام به هو اختيار لوحة أم متوافقة معهم، أما إذا أردت دخول عالم كسر السرعة ودفع مكونات الجهاز للحد الأقصى فاختيار لوحة أم مناسبة لذلك سيكون أمراً هامًا للغاية.

ختامًا: على الرغم من عدم تأثير اللوحة الأم بشكل مباشر في الأداء إلا أنها كما ذكرت في بداية المقال، العمود الفقري لحاسبك وبدونها سيكون الحاسب مجرد قطع وأجزاء لا فائدة منها، وبالتالي اختر اللوحة المناسبة لحجم المهام التي ترغب أن يقوم حاسبك بالقيام بها وكذلك أن تكون متوافقة مع بقية المكونات لديك.

تعليقات