لماذا تُصنع الهواتف بعمر بطارية قصير ؟



تابع قناة عالم الكمبيوتر علي التيليجرام


معظمنا يستخدم الهاتف طوال اليوم، ولكن حتى مع أقل الاستخدامات الخفيفة لن تجد إلا عدد قليل جداً من الهواتف التي تتمتع ببطارية قادرة على المواصلة منذ فترة الصباح وحتى منتصف الليل. مع تسعير كل جيل جديد من الهواتف الذكية بمبالغ مالية أكبر من الجيل الذي سبقه نعتقد أننا أخيراً سنمتلك هواتف ببطارية أقوى يكون لديها القدرة على الاستمرار لفترات زمنية أطول، ومع ذلك فهي تأتي كما كانت بالضبط في الجيل الماضي والجيل الذي سبقه دون أي اختلاف ملحوظ. فهل تتساءل لما لا تتمتع الهواتف ببطاريات شحن قادرة على العمل المتواصل لعدة أيام متتالية قبل أن تتطلب دورات شحن جديدة ؟، إليك أهم الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة.



1- المزيد من القوة يعني المزيد من استهلاك الطاقة




لننظر للأمر من الناحية العملية، الهواتف الرائدة في عام 2011 و 2012 كانت تتمتع بسعة بطارية 2500 ميللي أمبير وحتى 2800 ميللي أمبير، هذا هو الوقت الاستثنائي الذي تألقت فيه هواتف Galaxy Note عند ظهورها لأول مرة ورأيناها كم كانت قوية في تحملها وقدرتها على المواصلة طوال اليوم قبل أن تتطلب دورة الشحن التالية. الآن وبعد أن أصبحت هواتف نفس الفئة Galaxy Note 9 / 10 / 20 تتمتع بسعة بطارية 4000 ميللي أمبير وحتى 4300 ميللي أمبير - أي تقريباً زيادة بنسبة 100%100 من سعة البطارية -، فهل أصبحت البطارية تستطيع المواصلة ليومان أو ثلاثة أيام متتالية ؟ في الواقع الإجابة هي لا. فزمن التشغيل المتواصل لا يزال كما هو بالضبط، ولن تستطيع استكمال اليوم أثناء استخدامك قبل أن تضطر لشحن الهاتف مرة ثانية.

قد يهمك: الأسباب الرئيسية لنفاذ بطارية الهاتف بشكل سريع وكيف تتجنبها  

السبب في ذلك هو شاشة AMOLED الجديدة التي بدأت سامسونج في تجهيز الهواتف بها والتي تستهلك كميات أعلى من الطاقة بسبب معدلات السطوع ودقة العرض وجودة التفاصيل وكثافة البكسل الأعلى، ضف على ذلك خصائص شريحة المعالجة المركزية والرسومية الأقوى وزيادة سعة ذاكرة الوصول العشوائي التي تتطلب معدلات طاقة أعلى. في الواقع، الشاشة وحدها كفيلة على هتك عرض البطارية دون الحديث عن بقية المواصفات والمزايا الفنية الأخرى.

دعونا أن لا ننسى زيادة عدد التطبيقات التي أصبحت تعمل في الخلفية طول الوقت، نظام الأمان والحماية قيد التشغيل في الوقت الفعلي دون توقف، إمكانية تلقي الإشعارات في زمنها المحدد، ومزامنة صورنا وتخزينها سحابياً فور التقاطها جميعها من الأمور والعوامل الإضافية التي بدأت في استهلاك كميات أعلى من سعة البطارية. شبكات الاتصالات الإضافية التي بدأت تعمل باستمرار ودون انقطاع Bluetooth و 4G و 3G و LTE و WiFi و NFC ومقبلين على 5G جميعها تستنزف طاقة البطارية على مدار اليوم.

في الحقيقة، حاولت مصانع الهواتف أن تضيف إمكانية وضع توفير الطاقة للتخلص نوعاً من هذه المشكلة والحد من الاستهلاك، مثل القدرة على ضبط الإضاءة التلقائي وتعديل دقة عرض الشاشة لتقليل كثافة البكسل، ولكن في النهاية كلما إزدات قوة وقدرات الهاتف المصنعية كلما كان لديه تعطش أكثر لاستنزاف كميات أعلى من سعة البطارية.

2- من أجل الحصول على هواتف أكثر نحافة




على مدار السنوات الماضية أصبحت تتمتع الهواتف الذكية بسُمك نحيف للغاية. لا أحد يستطيع أن ينكر أن عامل الشكل يلعب دوراً بارزاً في تزيين الهواتف وجعلها أكثر أناقة وترتقي للمستوى المناسب لجذب انتباه المستخدمين، كما أن سُمكها النحيف يساعد على حملها في الجيب بسهولة، ولكنها من المزايا التي تعتبر سلاح ذو حدين. فهي لا تسمح للمصنّعين بحرية إدراج مكونات وأجزاء الهاردوير اللازمة بداخل الهواتف.

اقرأ أيضاً: أفضل شركات الهواتف في عام 2020 وأكثرها مبيعاً  

المستهلك يريد هاتف نحيف، والمصنع يريد تركيب الهاردوير اللازم بالهاتف، ولتسوية الأمور بين كلا الطرفين فالحل الوحيد هو التضحية بسعة البطارية الضخمة والاكتفاء ببطارية لا تشغل من مساحة الهاتف إلا نسبة مناسبة تسمح للمصنع بتركيب هاردوير الهاتف. حتى وقتنا الحالي تتمتع الهواتف بسعة بطارية تتراوح بين 2800 ميللي أمبير وحتى 4000 ميللي أمبير في الساعة كسعة قياسية. لكن في عام 2018 فاجأتنا Huawei ببطارية شحن بقدرة 4200 ميللي أمبير في الساعة مع هاتف Mate 20 Pro، ولكن وجب التنويه على أن الهاتف كان قياسه 6.7 بوصة.

في وقتنا الحالي أصبح من الممكن امتلاك هواتف ببطارية 4500mAH وحتى 5000mAH، ولكنها ليست بالسمك النموذجي الذي يرتقي لفئة الهواتف الرائدة التي يسعى وراؤها مستخدمي الفئات العليا. ولهذا السبب معظم شركات التصنيع لا تخطط مطلقاً للتخلى عن عامل السُمك النحيف والمظهر الجمالي في فئة الهواتف الرائدة حتى ولو كان على حساب سعة البطارية.

3- تقليل حزم الطاقة لزيادة سرعات الشحن




إذا نظرنا إلى طريقة وأسلوب عرض الإعلانات الترويجية للهواتف الذكية فسنلاحظ أنها صبحت عبارة عن تمييز الهواتف بالقدرة على الشحن فائق السرعة والشحن اللاسلكي، فكيف سنستفيد من هذه المميزات إذا كانت البطارية بحزم من الشحنات الضخمة ؟ ولذلك غالباً ما يتم تجاهل سعة البطارية في الإعلانات الترويجية خاصة وبعد تمكين الشحن اللاسلكي من الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق الهواتف الذكية، والشحن فائق السرعة الذي لا يتعدى ساعة واحدة لاستكمال دورة شحن كاملة. وهذا يعني أن الشركات ذاتها لن تتخلى عن هذه المميزات حتى ولو كان على حساب عمر البطارية الطويل.

4- تدهور عمر البطارية بمرور الوقت


العامل الزمني لديه طريقته الخاصة في القضاء على الأجهزة الإلكترونية والتسبب لها في التآكل بمرور الوقت ومع كثرة الاستخدام. فإذا كنت تمتلك هاتف منذ عامين إلى ثلاثة أعوام فربما لاحظت بنفسك أن جميع الهواتف الذكية التي تحتوي على بطاريات الليثيوم أيون تتعرض للتآكل وتدهور حالتها في نهاية المطاف. فبعد مرور عدة سنوات على استخدامك ستلاحظ إنقضاء دورات الشحن سريعاً ونفاذ البطارية بعد فترات قصيرة من الاستخدام.

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث عن تفعيل «نمط الطاقة المنخفضة» في الايفون ؟

العمر الافتراضي لكي تظل البطارية بأفضل حالاتها من عام إلى ثلاثة أعوام، ولكن بعد ذلك ومع كثرة الاستخدام ودورات الشحن الكثيرة ستدهور حالتها. مع هواتف الزمن الجميل كان الأمر سهلاً، إذ كان من الممكن إزالة البطارية ببساطة شديدة واستبدالها بواحدة جديدة من الشركة المصنعة أو حتى من مصانع الطرف الثالث. لكن اختلف هذا المنطق مع الهواتف الذكية، الآن لا يوجد بديل عن الذهاب مباشرة إلى المصنع لاستبدال البطارية، أو بالتأكيد شراء هاتف جديد لأن إرسال الهاتف إلى المصنع سيستغرق وقت طويل وسيضع على عاتقنا تكاليف مالية كبيرة، وفوق كل هذا فلسنا نعلم كيف سيكون رد المصنع حينها.

5- تأخير نمو عملية تطوير تكنولوجيا البطارية




تكنولوجيا البطاريات الحديثة التي تعمل بالليثيوم أيون بطيئة للغاية عندما يتعلق الأمر بمراحل تطورها وتقدمها. بالتأكيد تم تحسينها كثيراً خلال الآونة الماضية، ولكنها لم تتطور بالسرعة التي كنا نتمناها، فهي لا تزال تتعرض لعوامل التآكل وتعتمد كلياً على عامل كتلة الحجم المادي. 

في الوقت الحالي هناك بعض الجهات التقنية التي تعمل على تحسين أوضاع البطاريات، ليس من أجل الهواتف الذكية فحسب، وإنما من أجل السيارات الكهربائية والأجهزة التقنية القابلة للارتداء. يحاول الباحثون السعي وراء حلول حديثة أكثر فاعلية، وبالفعل يتم ضخ مئات الملايين في محاولة منهم للتغلب على هذه المشكلة، ولكن حتى هذه اللحظة لا يسعنا إلا الانتظار والترقب لما هو قادم بالمستقبل، لعل وعسى قد يكون المستقبل القريب أفضل كثيراً من الحاضر.

تعليقات