يسعى الكثير من المُستخدمين
لتزويد الكمبيوتر بالبرامج
التي يحتاجونها، وبينما يذهب البعض إلى الطُرق القانونيّة للاشتراك أو لشراء
نُسخة البرنامج الرسميّة، ينتهج البعض الآخر طُرقًا غير شرعيّة للحصول على
نُسخ مجّانيّة مُقرصنة
من البرامج من خلال اللجوء إلى مواقع تقوم بتوليد مفاتيح تفعيل. بالطبع ينطوي
تنزيل البرامج والتطبيقات المُقرصنة
على الأجهزة المُختلفة على العديد من المخاطر، وعلى الرغم من كونها وسيلة
مجّانيّة تمامًا للحصول على برامجك وتطبيقاتك المُفضّلة، فإنّها قد تُكلّفك في
بعض الأحيان أموالًا باهظة
لإصلاح الأعطال الناجمة عنها. لذلك ينصح خبراء الأمن السيبرانيّ دائمًا بتجنُّب تنزيل وتفعيل البرامج
والتطبيقات من غير مصادرها الرسميّة لها. وفي هذه المقالة نسرد المخاطر المُحتملة
التي يُمكن أن يتعرّض لها جهازك عند تنزيل برامج مُقرصنة.
لماذا يجب تجنب البرامج المقرصنة؟
للحماية من الإصابة بالبرمجيّات الخبيثة
يُعتبر تنزيل وتثبيت البرامج والتطبيقات من مصادر غير رسميّة أو مواقع ويب مشبوهة
واحدة من الطُرق الأكثر شيوعًا لإصابة الأجهزة بالفيروسات والبرمجيّات الخبيثة.
ففي عام 2022
رصدت شركة كاسبرسكاي
المُتخصّصة في تقنيات الأمن السيبرانيّ تعرُّض ما يزيد عن 47,500 جهاز من أجهزة
الكمبيوتر التي تستخدم نظام التشغيل ويندوز حول العالم لهجوم سيبرانيّ باستخدام
برنامج خبيث
عُرف باسم NullMixer
انتشر من خلال بعض مواقع الويب المشبوهة التي ادّعت أنّها تُقدّم مفاتيح تفعيل
مجّانيّة لنُسخ شرعيّة من التطبيقات والبرامج.
سمح برنامج NullMixer بمُجرّد تثبيته على الجهاز المُصاب بتسلّل أكثر من 20 حصان
طروادة وبرنامج خبيث آخر بما في ذلك بعض برامج التجسّس وأدوات التأصيل الخفيّة
التي عطّلت برامج مُكافحة الفيروسات وسمحت بدورها بتسلّل المزيد من الفيروسات
والبرمجيّات الخبيثة إلى الجهاز المُصاب.
لحماية البيانات من السرقة واختراق الخصوصيّة
تأتي البرامج والتطبيقات المُقرصنة في مُعظم الأحوال مزوّدة بالكثير من الفيروسات
وأحصنة طروادة والديدان وأدوات التأصيل الخفّية وشبكات البوتات التي تمنح
المُهاجمين تحكُّما عن بعد في الأجهزة المُصابة وتسمح لهم بشنّ هجمات الحرمان من
الخدمات على نطاق واسع. تستطيع شبكة البوتات بمُجرّد تثبيتها على أيّ جهاز نسخ
نفسها آليًّا والبدء في تنفيذ أوامر المُهاجم مثل تسجيل كُلّ ما يتمّ كتابته على
الجهاز باستخدام لوحة المفاتيح بما في ذلك كلمات المرور للتطبيقات والمواقع
المُختلفة.
وهكذا يُصبح المُهاجم قادرًا على التحكُّم في الجهاز بشكل الكامل ولديه صلاحيّات
وصول إلى جميع بيانات الضحيّة ممّا يُتيح له سرقة بيانات حسّاسة للغاية مثل
بيانات تسجيل الدخول وبيانات البطاقات الائتمانيّة والحسابات المصرفيّة. تُعتبر
البرامج والتطبيقات المُقرصنة أيضًا بوابة سهلة لتسلّل برامج التجسّس إلى الأجهزة
المُختلفة، وبالأخصّ الهواتف الذكيّة. تسمح برامج التجسّس للمُهاجمين
الإلكترونيّين بتتبُّع بيانات المُستخدم كما تمنحهم صلاحيّات تشغيل كاميرا أو
ميكروفون الهاتف.
لحماية الأجهزة من انخفاض الأداء والتلف بشكل دائم
لا تقتصر المخاطر المُحتملة لاستخدام البرامج المُقرصنة المُحمّلة بالبرمجيّات
الخبيثة والفيروسات على الإضرار بأمان وسلامة البيانات فقط، إذ تتسبّب بعض أنواع
الفيروسات والبرمجيّات الخبيثة في إحداث أضرار جسيمة في الأجهزة التي تُصيبها،
ويُمكن أن تتسبّب في فشل تشغيل الأجهزة وحتّى إتلاف بعض مكوّناتها الداخليّة بشكل
كامل.
تقوم برامج الفدية على سبيل المثال بمُجرّد تثبيتها على الجهاز المُصاب بتشفير
بعض الملفّات الهامّة وملفّات نظام التشغيل فيتوقّف تشغيل الجهاز ويُصبح
المُستخدم غير قادر على استعادة التشغيل ما لم يدفع المال للشخص المُهاجم نظير
الحصول على مفتاح فكّ التشفير. كذلك تستهلك بعض الأنواع الأخرى من الفيروسات
الطاقة بشراهة وتتسبّب في رفع درجة حرارة بعض المكوّنات الداخليّة للجهاز بشكل
مُفرط كالمُعالجات ووحدات مُعالجة الرسومات ممّا يؤثّر على أدائها ويُعرّضها
بمرور الوقت إلى تلف دائم.
لتجنُّب المساءلات القانونيّة
تُجرّم العديد من الدول عمليّة قرصنة البرامج والتطبيقات بموجب قوانين حماية
حقوق الملكيّة الفكريّة. تؤدّي قرصنة المحتوى والبرامج والتطبيقات المُختلفة
إلى حرمان صُنّاع المحتوى والباحثين ومطوّري تلك البرامج من عائدات البرامج
التي عملوا على تطويرها، على حين يجني عائدات هذه البرامج ويستفيد منها أشخاص
آخرين.
لذلك تفرض قوانين بعض الدول، مثل دول الاتّحاد الأوروبيّ، عقوبات تتراوح بين
التغريم والسجن على الأشخاص الذين يقومون بقرصنة أو نسخ أو استخدام محتوى أو
برامج أو تطبيقات. في ألمانيا على سبيل المثال، يُعاقب الفرد بدفع غرامة ماليّة
عند مُشاركة أو تثبيت المواد والبرامج المُقرصنة من خلال خوادم التورنت. فإذا
كُنت أحد المُقيمين في دولة تُجرّم هذه الأفعال ينبغي أن تتجنّب تنزيل البرامج
والتطبيقات المُقرصنة لتفادي التعرُّض للمساءلة القانونيّة.
لتجنُّب الحرمان من التحديثات
تسعى الشركات المطوّرة للبرامج والتطبيقات إلى تحسين أداء برامجها بصورة مُستمرّة
لإرضاء مُستخدميها بالإضافة إلى إصلاح الأخطاء وعلاج الثغرات الأمنيّة فور
اكتشافها. يُمكن للمُستخدم الحصول على جميع هذه التحسينات والإصلاحات من خلال
تحديثات البرامج والتطبيقات، والتي عادةً ما يتمّ تثبيتها على الأجهزة بصورة
تلقائيّة إذا كان المُستخدم مُشتركًا بصورة شرعيّة ويستخدم نُسخة رسميّة من
التطبيق. أما في حالة استخدام نُسخة مُقرصنة من البرنامج، فلن يكون باستطاعة
المُستخدم تلقّي تحسينات الأداء وتحديثات الأمان ممّا يترك جهازه عرضة للاختراق.
يُساعد تجنُّب تثبيت البرامج والتطبيقات والألعاب المُقرصنة مع الحرص على تثبيت
البرامج والتطبيقات التي تحتاج إليها من مواقع ومصادر رسميّة موثوقة على سلامة
الأجهزة والشبكات والحدّ من التهديدات الأمنيّة وحماية البيانات من الهجمات
الإلكترونيّة، ووقاية المُستخدمين من العواقب القانونيّة كالغرامات الماليّة.
من المُهمّ أيضًا الالتزام ببعض إجراءات الحماية الأخرى كالحرص على تثبيت برامج
مُكافحة فيروسات قويّة من مصادر رسميّة على الأجهزة، وتجنّب الضغط على أيّ روابط
أو تنزيل أيّ مُلفّات تكون مُرفقة برسائل البريد العشوائيّ الواردة من مصادر
مجهولة. يُعدّ النسخ الاحتياطيّ للبيانات أيضًا أحد أهمّ الاستراتيجيّات التي
يُمكن الاستفادة منها في التقليل من الأضرار الناجمة عن بعض أنواع الهجمات
الإلكترونيّة كهجمات الفدية، بحيث يظلّ المُستخدم قادرًا على الوصول إلى ملفّاته
الهامّة في حال تعرّض جهازه للإصابة بأحد برامج الفدية.